للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنظمة الخاصة التي كانت في أساس اندلاعها في حين أن السيد كريم من أنصار الكتلة المصالية إلى غاية الأيام الأخيرة التي سبقت بدء الكفاح المسلح، وإضافة إلى ذلك، فإن السيد كريم يتحمل مسؤولية كبرى في عقد مؤتمر وادي الصومام الذي يصفه السيد أحمد بن بلة بالمنعطف الخطير في طريق انحراف الثورة.

ومهما يكن الأمر، وأمام عدم ظهور أغلبية حقيقية لصالح واحد من الاقتراحيين فإن أطرافاً كثيرة قد حاولت تقريب وجهات النظر وكان من الممكن أن يتفق الجميع على مكتب سياسي مكون من أحد عشر عضواً ويكون متضمناً لكل الأسماء الواردة في القائمتين. لكن ذلك لم يحدث بسبب تعنت السيد أحمد بن بلة الذي رفض عضوية الباءات الثلاث. ويقول السيد ابن يوسف بن خدة أنه خشي على الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، المسؤولة مباشرة على توقيع اتفاقيات إيفيان، وخشي أيضاً، أن يقود استمرار الخلاف إلى تفجير الأوضاع، فتحمل مسؤولية كاملة وغادر طرابلس إلى تونس في اليوم السابع من شهر جوان مرفوقاً بالسيد محمد بوضياف وآخرين (١).

هكذا، فإن المجلس الوطني للثورة الجزائرية لم يختتم أشغاله رسمياً ولم ينتخب أية هيئة سياسية عليا أو دنيا كما أنه لم يجدد ثقته للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، معنى ذلك أن الأزمة ازدادت حدة وأن الأمل في تسويتها بالطرق السلمية لم يعد وارداً، وراح كل طرف يبحث عن أنصار أقوياء يستعين بهم للاستيلاء على السلطة، ومعلوم أن الأنصار الأقوياء موجودين فقط على رأس القوات المسلحة.

أما أحمد بن بلة، فإنه ضمن، تأييد قيادة الأركان العامة والولايتين الأولى والسادسة ثم راح يجمع، حوله، الإطارات السياسية التي تريد تصفية حساباتها مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية أو مع الباءات الثلاث. وأما ابن يوسف بن خدة، فإنه استمال الولايات الرابعة والخامسة والثانية والثالثة بالإضافة إلى منطقة العاصمة وفيدرالية جبهة التحرير الوطني في أوربا ثم أعلن، باسم الحكومة، عن حل قيادة الأركان العامة وراح يبحث في الحدود الشرقية والغربية عن بديل لها (٢).

وفي نفس هذا الإطار، ومخالفة للاتفاق المبرم مع فرنسا، دخل السيدان محمد بوضياف وبلقاسم كريم إلى الجزائر خفية في اليوم التاسع من شهر


(١) ابن خدة (ابن يوسف) اتفاقيات إيفيان، ص٢١.
(٢) حربي (محمد) جبهة التحرير الوطني، ص٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>