الشيوعيين له قوة مكنته من التجذر بسهولة في أوساط سائر فئات الشعب الجزائري.
إن الحزب الشيوعي الجزائري في مصارعته لأحباب البيان والحرية كان يعتقد أن وصف القياديين الوطنيين بدعاة الانفصال عن الميتروبول سوف يقلل من شأنهم لدى مواطنيهم، زاعماً أن الاستقلال أمر مستحيل "أنه لا يخدم الجزائر ولكنه يكون في صالح غلاة الكولون والإمبرياليات الأجنبية الأخرى التي ليس لها من هم سوى آبار البترول (٣٣).
لقد كان الحزب الشيوعي الجزائري يرى أن الذين يعملون على استرجاع الاستقلال الوطني "هم عصابة من المفسدين في ركاب الفاشية، يتسترون بالدين لمحاربة المشروبات الكحولية" (٣٤) إنهم "وطنيون مزيفون يسعون بدافع إمبريالي أجنبي، لفصل الجزائر عن فرنسا الجديدة" وعلى الرغم من هذه المواقف العدوانية ومن قناعة السيد فرحات عباس بأن "أحباب الديمقراطية صنيعة للشيوعية المقصود منها هو خلط الأوراق وذبذبة الضمائر (٣٦)، فإن المكتب المركزي لأحباب البيان والحرية قد وجه نداء إلى أحباب الديمقراطية من أجل التعاون على أساس شرط واحد هو أن يدرج الشيوعيون ضمن مطالبهم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وحرية الصحافة بالنسبة لجميع الأحزاب والمنظمات الجزائرية، لأن برنامج أحباب الديمقراطية بجميع نقاطه المسطورة أعلاه لا يشتمل على أي عنصر جدي يمكن الأخذ به لتعبئة جماهير الشعب الجزائري، لكن الشيوعيين، من خلال قيادة أحباب الديمقراطية، رفضوا عرض الوطنيين لسبب أيديولوجي واضح هو: عدم إيمانهم بالوطن الجزائري ككيان واحد ومستقل عن فرنسا. ولم يتوقفوا عند رفض العرض، بل إنهم جندوا كل آلياتهم واستنجدوا بالسلطات الاستعمارية لإقامة العراقيل في طريق أحباب البيان والحرية.
هكذا، إذن لم تمض سوى ستة أشهر على تأسيس أحباب البيان والحرية حتى وجد هذا التجمع الوطني الجديد نفسه أمام عدد من الصعوبات والمخاطر كان أهمها ما يلي:
١ - رفض الإدارة الفرنسية لبيان الشعب الجزائري بعد أن كان الوالي العام السيد بايروتون قد أفهم السيد فرحات عباس أن الاقتراحات الواردة ضمنه مقبولة لكنها تتطلب قليلاً من المراجعة وهوما تم بموجب الملحق الذي سبقت الإشارة إليه.
وجاء الرفض مصحوباً بإجراءات بعضها قمعي والآخر يتعلق بدس أعوان مقنعين في صفوف المناضلين ينشطون لفائدة مصالح