تنهي حالة الاستعمار في الجزائر، فإن ممثلي حزب الشعب الجزائري الذين قاموا بنفس المهمة قد قوبلوا ببرودة من طرف نفس المسؤول الأمريكي الذي قال لهم:"إن المعلومات المستقاة من مصادر مختلفة تدل على أن حركتكم لا تمثل أغلبية الشعب الجزائري، وإن هذا الأخير لن يتبعكم ولن يعطيكم ثقته في حالة استشارته (٦٢). فأمام هذه اللغة المزدوجة، أصبح على قادة الحركة الوطنية أن يقوموا بنشاط علني يثبتون، من خلاله، سوء تقدير الحلفاء، ويبرهنون به على أنهم الناطق الشرعي باسم جماهير الشعب الجزائري الذي صار هدفه الأسمى هو استرجاع السيادة الوطنية وإقامة الجمهورية الجزائرية بجميع مؤسساتها.
٩ - إن أخباراً متواترة قد بدأت تصل إلى أسماع قادة الحركة الوطنية مفادها أن اللجنة الفرنسية للتحرير قد تمكنت من إقناع الحلفاء بأن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا، وبأن دعاة الانفصال لا يمثلون إلا أنفسهم، وهم منبوذون من الشعب الحقيقي ونتيجة ذلك الإقناع صرح السيد مرفي أن" السلطات الأمريكية لن تتدخل في الشؤون التي هي من اختصاص الإدارة الوطنية أو التي لها علاقة بالسيادة الفرنسية" ((٦٣).
١٠ - إن حزب الشعب الجزائري المحظور قد تمكن بالموازاة مع نشاط اطاراته ومناضليه داخل صفوف أحباب البيان والحرية، من تحقيق نتائج باهرة في مجالات التنظيم والتكوين والتسليح، وأصبح واضحاً للعيان أن تلك النتائج تؤهله لجر الحركة الوطنية إلى ثورة شعبية مسلحة من أجل استرجاع الاستقلال الوطني كاملاً وبالشروط الواردة في برنامج نجم شمال افريقيا المشار إليه سابقاً. ولقد أدركت قيادة أحباب البيان والحرية من غير عناصر حزب الشعب الجزائري ذلك الواقع وارتاعت لما يمكن أن تكون عواقبه، خاصة وأنها لا تؤمن بالكفاح المسلح كوسيلة لحمل فرنسا على الاستجابة لطموحات الشعب الجزائري. لأجل ذلك فإن السيد فرحات عباس قد جعل المكتب المركزي للحركة يتوج اجتماعه المنعقد بنداء إلى المواطنين جاء فيه" أن أحباب البيان والحركة لن تتحمل أية مسؤولية فيما تقوم به بعض العناصر المشبوهة من أحداث .. وبالتالي فهي تدعو كافة المناضلين إلى تسليمها كل مشاغب تشتم فيه رائحة العمل في غير الإطار المعلوم" (٦٤).