للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائر ثوب الحداد" (١١٥)، لم يؤخذ في الاعتبار من أي طرف كان، فإن النشرة قد ظلت على ورق ولم يستفد منها سوى العقيد شون (١١٦) (Schoen) في تقريره إلى وزارة الداخلية.

كان يرى الوالي العام، السيد شاتينيو، أن عدم الإكتراث بالمواقف الجديدة الصادرة عن القياديين القدامى لأحباب البيان كان خطأ فادحاً لأنه، إذا أرضى كبار الكولون، فإنه ضيع فرصة ثمنية على الإدارة الاستعمارية التي كان يمكن، بواسطتهم أن تطبق مجموعة من الإصلاحات، بالنسبة للوالي العام، كفيلة بأن "يجعل السكان الأهالي يدخلون بصدق إلى المجموعة الفرنسية. أما حرمانهم من ذلك، فإنه سيدفعهم إلى الانزواء على النفس في انتظار فرصة سانحة لمحاربة التخلص من سادتهم الفرنسيين" (١١٧).

ولم يكن موقف الجنرال ديفال، قائد عمليات القمع والإبادة، مختلفاً عن موقف السيد شاتينيو، بل كان فقط، أكثر دقة عندما ذكر في تقريره: "إن وقع

سيتكرر بأكثر فظاعة وبكيفية لن تكون قابلة للمعالجة" (١١٨).

وسوف يظل موقف الحزب الشيوعي الفرنسي أكثر مواقف التشكيلات السياسية وضوحاً لسببين رئيسيين هما:

أ - اشتراكة الفعلي في ارتكاب الجريمة بواسطة إطاراته السامية الذين كانوا يشغلون مجموعة من مناصب الحل والربط في الحكومة الفرنسية المؤقتة. وفي مقدمة تلك الإطارات لابد من التركيز على السيد تيون المشار إليه أعلاه.

ب - أيديولوجيته التي ترفض الاعتراف بوجود الشعب الجزائري ككيان مستقل أو قابل للاستقلال عن الشعب الفرنسي، بل أن السيد موريس توريز، الأمين العام، الذي قضى كل سنوات الحرب في موسكو عاد إلى باريس في نهاية عام ١٩٤٤ وهو أكثر تمسكاً برأيه القائل إن الأزمة الجزائرية في طور التكون وإن عدد عناصرها المكونة عشرون كما سبق الحديث عن ذلك في مستهل هذه الدراسة.

فمنذ اللحظات الأولى، بادر الحزب الشيوعي الفرنسي إلى المطالبة "بتسليط أشد العقوبات على منظمي التمرد وأعوانهم ممن قادوا المسيرات" (١١٩) كما أنه لم يتردد في اتهام قادة الحركة الوطنية بالعمالة للنازية ولغلاة الكولون لأنهم "خدعوا جماهير المسلمين بسعيهم إلى إحداث القطيعة بين السكان الجزائريين وشعب فرنسا" (١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>