وكان مردوخي وبوشناق الوحيدين اللذين يستطيعان ذلك في المنطقة، خاصة وأن سلك المترجمين الذي كان نابليون قد سهر على تكوينه أثناء حملته المشهورة على مصر قد زال ولم يعد له أثر في أوساط الجيش الفرنسي، كما أن الأمير لم يهتم بهذا الجانب عندما أنشأ حكومته نظراً لتركيز جهوده على الكفاح المسلح.
والمتفق عليه كذلك، هو أن الصحافة الفرنسية في ذلك الحين، قد رحبت بالمعاهدة نيابة عن الرأي العام بمختلف اتجاهاته ومشاربه، واعتبرتها نصراً حققه ميشال لصالح الأمة الفرنسية التي لم تكن موافقة على إرسال أبنائها: يموتون، ويعطبون من أجل قضية لا ناقة لها فيها ولا جمل، وفي أرض يفصلها عنها كل شيء.
لكن أعداء دي ميشال ودعاة الاستمرار في استعمال الجزائر سرعان ما تمكنوا من تحويل ذلك الترحيب وتلك المساندة إلى موجة من السخط والاستنكار، ساعد على نشرها ما يلي:
١) أن دي ميشال لم يطلع حكومته على الجزء الثاني من المعاهدة والمتضمن الشروط الجزائرية، بل أكثر من ذلك، فإنه استعطف الأمير وطلب منه أن يتظاهر بتعيين وكيل له في مدينة أرزيو يكون هو الحاكم الحقيقي كما جاء في الشرط الثاني ولكنه يبدو للعموم في نفس وضع الوكلاء الجزائريين بوهران ومستغانم والعاصمة. ولقد تعهد دي ميشال لوزير الخارجية ابن عراش أنه يسهر بنفسه على تسهيل مهمة الوكيل المذكور، ويمنع الجيش الفرنسي من التدخل في شؤونه مهما كانت الظروف. وحينما استجاب عبد القادر لذلك وعين أحد أعوانه البارزين وكيلا في أرزيو، وبدأ هذا الأخير ينشط وفقاً للشرط الثاني كما ذكرنا، استاء التجار الفرنسيون في كل من مستغانم ووهران وأيدهم شركاؤهم وزملاؤهم على الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط ورفعت الشكاوى إلى وزارة الحرب التي اعتبرت ذلك تعدياً من حكومة الأمير وذلك لأنها لم تكن على علم بشروط عبد القادر التي وقع عليها دي ميشال. وسارت الصحافة في نفس التيار. وتألب الرأي العام الذي اعتبر صمت دي ميشال نوعاً من الخيانة لوطنه.
٢) إن النص الموحد الذي نقله دي ميشال إلى حكومته كان مزيفاً في نقطة أساسية من بنده الأول. ذلك، أن وزارة الحرب الفرنسية كانت أمرت [أن