للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• مَحَبَّةُ اللَّهِ عَلَى قِسْمَيْنِ فَرْضٌ وَنَدْبٌ:

أ - فَالْفَرْضُ الْمَحَبَّةُ: الَّتِي تَبْعَثُ عَلَى امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَالِانْتِهَاءِ عَنْ مَعَاصِيهِ، وَالرِّضَا بِمَا يُقَدِّرُهُ، فَمَنْ وَقَعَ فِي مَعْصِيَةٍ مِنْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ فَلِتَقْصِيرِهِ فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ، حَيْثُ قَدَّمَ هَوَى نَفْسِهِ.

ب - وَالنَّدْبُ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى النَّوَافِلِ، وَيَتَجَنَّبَ الْوُقُوعَ فِي الشُّبُهَاتِ.

(دخل الجنة وأبيه إن صدق)

فإِنْ قِيلَ: مَا الْجَامِعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ؟ أُجِيبَ:

أ - بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ.

ب - أَوْ بِأَنَّهَا كَلِمَةٌ جَارِيَةٌ عَلَى اللِّسَانِ لَا يُقْصَدُ بِهَا الْحَلِفُ، كَمَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِمْ (عَقْرَى حَلْقَى) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

ج - أَوْ فِيهِ إِضْمَارُ اسْمِ الرَّبِّ كَأَنَّهُ قَالَ: وَرَبِّ أَبِيهِ.

د - وَقِيلَ: هُوَ خَاصٌّ وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ.

(أعوذ بكلمات الله التامات):

دل هذا عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، إِذْ لَوْ كَانَ مَخْلُوقًا لَمْ يَسْتَعِذْ بِهَا، إِذْ لَا يُسْتَعَاذُ بمخلوق، قَالَ الله تَعَالَى: (فاستعذ بِالله).

[الآيات والأحاديث الموهمة للتشبيه]:

لِأَهْلِ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ (كَالْعَيْنِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدِ) ثَلَاثَةٌ أَقْوَالٍ:

(أَحَدُهَا): أَنَّهَا صِفَاتُ ذَاتٍ أَثْبَتَهَا السَّمْعُ، وَلَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا الْعَقْلُ.

(وَالثَّانِي): أَنَّ الْعَيْنَ كِنَايَةٌ عَنْ صِفَةِ الْبَصَرِ، وَالْيَدَ كِنَايَةٌ عَنْ صِفَةِ الْقُدْرَةِ، وَالْوَجْهَ كِنَايَةٌ عَنْ صِفَةِ الْوُجُودِ.

(وَالثَّالِثُ): إِمْرَارُهَا عَلَى مَا جَاءَتْ مُفَوَّضًا مَعْنَاهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ السَّهْرَوَرْدِيُّ: أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَثَبَتَ عَنْ رَسُولِهِ الِاسْتِوَاءُ وَالنُّزُولُ وَالنَّفْسُ وَالْيَدُ وَالْعَيْنُ، فَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِتَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، إِذْ لَوْلَا إِخْبَارُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا تَجَاسَرَ عَقْلٌ أَنْ يَحُومَ حَوْلَ ذَلِكَ الْحِمَى.

قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ، وَبِهِ يَقُولُ السَّلَفُ الصَّالِحُ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ التَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ تَأْوِيلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا الْمَنْعُ مِنْ ذِكْرِهِ، وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِتَبْلِيغِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ

<<  <   >  >>