للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ يَتْرُكَ هَذَا الْبَابَ فَلَا يُمَيِّزَ مَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ مِمَّا لَا يَجُوزُ، مَعَ حَضِّهِ عَلَى التَّبْلِيغِ عَنْهُ، حَتَّى نَقَلُوا أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ وَأَحْوَالَهُ وَصِفَاتِهُ وَمَا فُعِلَ بِحَضْرَتِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى الْإِيمَانِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ مِنْهَا، وَوَجَبَ تَنْزِيهُهُ عَنْ مُشَابهَةِ الْمَخْلُوقَاتِ بقوله تَعَالَى: (لَيْسَ كمثله شَيْء)، فَمَنْ أَوْجَبَ خِلَافَ ذَلِكَ بَعْدَهُمْ فَقَدْ خَالَفَ سَبِيلَهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(ضحك الله الليلة عجب ربك):

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِطْلَاقُ الْعَجَبِ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ، وَمَعْنَاهُ الرِّضَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الصَّنِيعَ حَلَّ مِنَ الرِّضَا عِنْدَ اللَّهِ حُلُولُ الْعَجَبِ عِنْدَكُمْ.

قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْعَجَبِ هُنَا أَنَّ اللَّهَ يُعْجِبُ مَلَائِكَتَهُ مِنْ صَنِيعِهِمَا لِنُدُورِ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا فِي الْعَادَةِ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَتَأْوِيلُ الضَّحِكِ بِالرِّضَا أَقْرَبُ مِنْ تَأْوِيلِهِ بِالرَّحْمَةِ.

وَقَدْ تَأَوَّلَ الْبُخَارِيُّ الضَّحِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَلَى مَعْنَى الرَّحْمَةِ، وَهُوَ قَرِيبٌ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنَى الرِّضَا أَقْرَبُ، فَإِنَّ الضَّحِكَ يَدُلُّ على الرِّضَا وَالْقَبُول، قَالَ: والكرام يوصفون عِنْد مَا يَسْأَلُهُمُ السَّائِلُ بِالْبِشْرِ وَحُسْنِ اللِّقَاءِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: (يَضْحَكُ الله) أَيْ: يُجْزِلُ الْعَطَاءَ.

(وَسِعَ كُرْسِيُّهُ): قَالَ ابْنُ جُبَيرٍ: كُرْسِيُّهُ: عِلْمُهُ.

(كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ): إِلَّا مُلْكَهُ، وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: (إِلَّا وَجْهَهُ): أَيْ جَلَالَهُ، وَقِيلَ: إِلَّا إِيَّاهُ.

(يَوْمُ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ):

عَنْ قَتَادَةَ: عَنْ شِدَّةِ أَمْرٍ.

وَعِنْدَ الْحَاكِمِ عَنْ ابن عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ يَوْمُ كَرْبٍ وَشِدَّةٍ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فَيَكُونُ الْمَعْنَى: يَكْشِفُ عَنْ قُدْرَتِهِ الَّتِي تَنْكَشِفُ عَنِ الشِّدَّةِ وَالْكَرْبِ، وَذُكِرَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلَاتِ.

(يَنْزِلُ رَبُّنَا): النُّزُولُ مُحَالٌ عَلَى الله، لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ الْحَرَكَةُ مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ إِلَى السُّفْلِ، وَقَدْ دَلَّتِ الْبَرَاهِينُ الْقَاطِعَةُ عَلَى تَنْزِيهِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَلْيُتَأَوَّلْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ: نُزُولُ مَلَكِ الرَّحْمَةِ وَنَحْوُهُ، أَوْ يُفَوَّضُ مَعَ اعْتِقَادِ التَّنْزِيهِ.

(تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا): أَيْ: بِعِلْمِنَا.

(وِلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي): أَيْ: بِحِفْظِي.

<<  <   >  >>