للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هـ - لا تجعلوا بيوتكم مكاناً للنوم فقط، لأن النوم أخو الموت.

(احثوا في وجه المداحين التراب) [أحمد والطبراني في الكبير].

الْمُرَادَ مَنْ يَمْدَحُ النَّاسَ فِي وُجُوهِهِمْ بِالْبَاطِلِ، وَقَالَ عُمَرُ، الْمَدْحُ هُوَ الذَّبْحُ، قَالَ: وَأَمَّا مَنْ مُدِحَ بِمَا فِيهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ فَقَدْ مُدِحَ فِي الشِّعْرِ وَالْخُطَبِ وَالْمُخَاطَبَةِ وَلَمْ يَحْثُ فِي وَجْهِ مَادِحِهِ تُرَابًا.

وتأويل الحديث في حثي التراب في وجه المادح بالباطل على معان:

(أَحَدُهَا): حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ.

(الثَّانِي): الْخَيْبَةُ وَالْحِرْمَانُ كَقَوْلِهِمْ لِمَنْ رَجَعَ خَائِبًا: رَجَعَ وَكَفُّهُ مَمْلُوءَةٌ تُرَابًا.

(الثَّالِثُ): قُولُوا لَهُ: بِفِيكَ التُّرَابُ، وَالْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ لِمَنْ تَكْرَهُ قَوْلَهُ.

(الرَّابِعُ): أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالْمَمْدُوحِ كَأَنْ يَأْخُذَ تُرَابًا فَيَبْذُرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، يَتَذَكَّرُ بِذَلِكَ مَصِيرَهُ إِلَيْهِ فَلَا يَطْغَى بِالْمَدْحِ الَّذِي سَمِعَهُ.

(الْخَامِسُ): الْمُرَادُ بِحَثْوِ التُّرَابِ فِي وَجْهِ الْمَادِحِ: إِعْطَاؤُهُ مَا طُلِبَ لِأَنَّ كُلَّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابٌ.

(أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان) [البخاري].

الْمُرَادُ بِحَبَّةِ الْخَرْدَلِ هُنَا: مَا زَادَ مِنَ الْأَعْمَالِ عَلَى أَصْلِ التَّوْحِيدِ، لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: (أَخْرِجُوا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَعَمِلَ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً).

(اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم) [البخاري].

إِنَّمَا خَصَّهُ بِإِرْسَالِ الْخَمِيصَةِ، لِأَنَّهُ كَانَ أَهْدَاهَا لِلنَّبِيِّ ، قَالَ ابن بَطَّالٍ: إِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ ثَوْبًا غَيْرَهَا لِيُعْلِمَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ هَدِيَّتَهُ اسْتِخْفَافًا بِهِ.

(أرأيتم لو أن نهرا … فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله به الخطايا) [البخاري]

قال الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ: أَحْوَالَ الْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ تَنْحَصِرُ فِي خَمْسَةٍ:

(أَحَدِهَا): أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ، فَهَذَا يُعَاوَضُ بِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ.

(ثَانِيهَا): يَأْتِي بِصَغَائِرَ بِلَا إِصْرَارٍ، فَهَذَا تُكَفَّرُ عَنْهُ جَزْمًا.

<<  <   >  >>