بِأَنْ يَكُونَ مُتَسَاوِيَ الطَّرَفَيْنِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، رَاجِحَ الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ خَارج.
• (إنما الأعمال بالنيات) [البخاري]
قَالَ الخوبي: النِّيَّةُ تَتَنَوَّعُ كَمَا تَتَنَوَّعُ الْأَعْمَالُ، كَمَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ وَجْهَ الله، أَوْ تَحْصِيلَ مَوْعُودِهِ، أَوْ الِاتِّقَاءَ لِوَعِيدِهِ، وَوَقَعَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ بِإِفْرَادِ النِّيَّةِ (إنما الأعمال بالنية) وَوَجْهُه:
أ - أَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ الْقَلْبُ، وَهُوَ مُتَّحِدٌ، فَنَاسَبَ إِفْرَادَهَا، بِخِلَافِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالظَّوَاهِرِ وَهِيَ مُتَعَدِّدَةٌ فَنَاسَبَ جَمْعَهَا.
ب - وَلِأَنَّ النِّيَّةَ تَرْجِعُ إِلَى الْإِخْلَاصِ، وَهُوَ وَاحِدٌ لِلْوَاحِدِ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ.
• (إن الله قد حرم النار على من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) [البخاري ومسلم].
لِلْعُلَمَاءِ أَجْوِبَةٌ عَنْ ذَلِكَ:
أ - مِنْهَا مَا رَوَاهُ مُسلم عَنْ ابن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ عَقِبَ حَدِيثِ الْبَابِ: ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَائِضُ وَأُمُورٌ نَرَى أَنَّ الْأَمْرَ قَدِ انْتَهَى إِلَيْهَا، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَغْتَرَّ فَلَا يَغْتَرَّ.
ب - وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ قَالَهَا مُخْلِصًا لَا يَتْرُكُ الْفَرَائِضَ، لِأَنَّ الْإِخْلَاصَ يَحْمِلُ عَلَى أَدَاءِ اللَّازِمِ.
ج - وَقِيلَ: الْمُرَادُ تَحْرِيمُ التَّخْلِيدِ، أَوْ تَحْرِيمُ دُخُولِ النَّارِ الْمُعَدَّةِ لِلْكَافِرِينَ، لَا الطَّبَقَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْعُصَاةِ.
د - وَقِيلَ: الْمُرَادُ تَحْرِيمُ دُخُولِ النَّارِ بِشَرْطِ حُصُولِ قَبُولِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالتَّجَاوُزِ عَنِ السَّيِّئِ.
• (أي العمل أحب إلى الله تعالى؟) [البخاري]
سبب اختلاف الأجوبة النبوية في أي العمل أحب:
أ - لاختلاف أحوال السائلين، أو حال السامعين، فأعلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو ما يليق بهم.
ب - يكون الِاخْتِلَافُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ، بِأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ، فَقَدْ كَانَ الْجِهَادُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، لِأَنَّهُ الْوَسِيلَةُ إِلَى الْقِيَامِ بِهَا .. وَقَدْ تَضَافَرَتِ النُّصُوصُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي وَقْتِ مُوَاسَاةِ الْمُضْطَرِّ تَكُونُ الصَّدَقَةُ أَفْضَلَ.
ج - أَوْ أَنَّ أَفْضَلَ لَيْسَتْ عَلَى بَابِها، بَلِ الْمُرَادُ بِها الْفَضْلُ الْمُطْلَقُ.