للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قرأ ورش {الدَّرَكِ} بفتح الراء، وقرأ حفص {فِي الدَّرْكِ} بإسكان الراء (١).

والإسكان والفتح لغتان، فأما رواية ورش فهو جمع دَرَكَة كبقر وبقرة (٢)، وأما رواية حفص فعلى المصدر، والمعنى واحد، هو المكان (٣). ولم يختلفا في قوله عز وجل:

{لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى} {طه:٧٧} لأنه بمعنى الإدراك من العدو.

قوله تعالى: {سنُوتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً} {سَيُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً} {١٦٢}

قرأ ورش {سنُوتِيهِمْ} بنون العظمة، وقرأ حفص {سَيُؤْتِيهِمْ} وانفرد بالياء (٤)، فأما رواية ورش فعلى إخبار الله عز وجل عن نفسه، وذلك على الالتفات من الغيبة إلى التكلم، وهو ضرب من ضروب البلاغة، والفاعل ضمير مستتر تقديره (نحن) يرجع إلى الله عز وجل، وأما رواية حفص فعلى لفظ الغيبة، لأن سياق الآية وهو قوله عز وجل {وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} يقتضي الغيبة، والفاعل ضمير يعود إلى الله عز وجل (٥).

قوله تعالى: {وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُّواْ فِي السَّبْتِ} {وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ} [١٥٤]

قرأ ورش {لاَ تَعَدُّواْ} بفتح العين وتشديد الدال، وقرأ حفص {لاَ تَعْدُواْ} بإسكان العين وتخفيف الدال (٦). وحجة ورش أن أصل هذه الكلمة (تعتدوا) مضارع {اعتدى يعتدي اعتداءا}، ومنه قوله عز وجل {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا} {البقرة:٢٢٩}، فألقيت حركة التاء على العين وأدغم التاء في الدال لتجانسهما (٧). وحجة حفص في تخفيف الدال على أنه مضارع من {عدا يعدوا عدوانا} ومنه قول الله عز وجل: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} {الأعراف١٦٣} فكان الفعل منها (تعْدوا).

[فرش سورة المائدة]

قوله تعالى: {والأذْنُ بالأذْنِ} {وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ} [٤٥]


(١) - الدمياطي، إتحاف فضلاء البشر. ج١/ص٢٤٧. وابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج٢/ص٤٦٨.
(٢) - انظر: ابن منظور، لسان العرب. مادة {درك} ج١٠/ص٤٢٢. والراغب الأصفهاني، المفردات. مادة {درك} ص١٧٥٤.
(٣) - ابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج١/ص٢١٩.
(٤) - الداني، التهذيب لما انفرد كل واحد من القراء السبعة. ص١٢٣. وابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج٢/ص٤٦٨.
(٥) - محيسن، القراءات وأثرها في علوم العربية. ج١/ص١٣٣.
(٦) - ابن الجزري، النشر في القراءات العشر. ج٢/ص١٧٢، ١٦٥.
(٧) - محيسن، المغني في توجيه القراءات. ج١/ص٤٢٣. وابن خالويه، الحجة في القراءات السبع. ج١/ص١٢٨. وأبو علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة. ج٢/ص٩٨.

<<  <   >  >>