وكما كان الدافع لجمع القرآن في زمن أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما هو صيانة كتاب الله تعالى، فإن ذلك أيضاً كان وراء تحديد القراءات التي يقرأ بها.
ثم إن القراء بعد ذلك تفرقوا في البلاد، وخلفهم أمم بعد أمم، وكثر بينهم الخلاف، وقل الضبط، واتسع الخرق، فقام الأئمة الثقات النقاد وحرروا وضبطوا وجمعوا وألفوا على حسب ما وصل إليهم أو صح لديهم.
فالذي وصل إلينا اليوم متواتراً أو صحيحاً مقطوعاً به هو:(قراءات الأئمة العشرة المتواترة، ورواتهم المشهورين).
وأخيراً فإن القرآن الكريم وقراءاته روح حياة الأمة الإسلامية ومشكاة حضارتها الفكرية، فلذلك كان حقاً على المتخصصين من أبناء الأمة في كل عصر أن يعنوا بمحاسن هذا الدين العالمي من خلال كتابه المبين، وأن ينبروا لإظهار الحق وإبرازه بلغة تناسب عصورهم ومعطياتها، ويأتي هذا البحث القرآني ليعنى بدراسة قضية أخذت حيزاً من اهتمام العلماء.
[أهمية الموضوع وأسباب اختياره (إشكاليات البحث)]
فإن من أكثر القراءات انتشاراً في العالم الإسلامي اليوم قراءة عاصم بن أبي النجود، وقد وردت عنه هذه القراءة بروايتي حفص بن سليمان، وأبي بكر بن عياش - شعبة - إلا أن رواية حفص أكثر انتشاراً وأوسع في بلاد العالم الإسلامي من رواية شعبة، كما أنّ قراءة نافع بن أبي نُعيم تأتي في المرتبة الثانية في الانتشار وكثرة الدراسة لها، وهي منتشرة بالروايتين، رواية قالون، ورواية ورش عنه، لكن رواية ورش أكثر انتشاراً، وقراءها أكثر عدداً، خاصة في بلاد إفريقيا وبعض البلاد الإسلامية الأخرى، ونظراً