قصة ورش عند ما جاء إلى الإمام نافع ليقرأ عليه القرآن فقال: حدث ورش عن بداية قراءته فقال خرجت من مصر لأقرأ على نافع، فلما وصلت إلى المدينة سرت إلى مسجد نافع، فإذا هي لا تطاق القراءة عليه، من كثرتهم وإنما يقرئ ثلاثين - أي آية - فجلست خلف الحلقة، وقلت لإنسان: من أكبرُ الناس عند نافع؟ فقال لي: كبير الجعفريين، فقلت: فكيف به؟ قال: أنا أجيء معك إلى منزله، وجئنا إلى منزله فخرج شيخ، فقلت: أنا من مصر، جئت لأقرأ على نافع فلم أصل إليه، وأخبرت بأنك من أصدق الناس له، وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه، فقال: نعم وكرامة، وأخذ طيلسانه ومضى معنا إلى نافع، فقال له الجعفري: هذا وسيلتي إليك، جاء من مصر ليس معه تجارة ولا جاء لحج، إنما جاء للقراءة خاصة، فقال: ترى ما ألقى من أبناء المهاجرين والأنصار، فقال صديقه: تحتال له، فقال لي نافع: أيمكنك أن تبيت في المسجد؟ فقلت: نعم، فبت في المسجد، فلما أن كان الفجر جاء نافع فقال: ما فعل الغريب؟ فقلت: ها أنا رحمك الله، قال أنت أولى بالقراءة، وكنت مع ذلك حسن الصوت مداداً به فاستفتحتُ فملأ صوتي مسجد رسول الله صلى الله عليه سلم فقرأت ثلاثين آية، فأشار بيده أن أسكت فسكت، فقام إليه شاب من الحلقة فقال: يا معلم أعزك الله، نحن معك وهذا رجل غريب، وإنما رحل للقراءة عليك وقد جعلتُ له عشراً وأقتصر على عشرين، فقال: نعم وكرامة، فقرأتُ عشراً، فقام فتى
(١) - اسمه أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الداني، ولد سنة ٣٧١هـ بمدينة قرطبة، قرأ على عبد العزيز بن جعفر وفارس بن أحمد، وطاهر بن غلبون، وغيرهم، من أشهر كتبه "جامع البيان" في القراءات السبع و"التيسير" في القراءات السبع، توفي سنة ٤٤٤هـ انظر ابن الجزري: غاية النهاية ١\ ٥٠٣ - ٥٠٥.