{* إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً}(١٦٣)[النساء: ١٦٣] يحتج به على أمرين أحدهما: أن آدم لم يكن نبيا، وإلا لبدأ بذكره في هذا السياق؛ لأنه أبلغ.
ويجاب عنه بوجهين:
أحدهما: أن آدم دخل في قوله-عز وجل-: {وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً}(١٦٤)[النساء: ١٦٤] وقد سبقت قصة آدم.
الثاني: أن ذلك منقوض بإدريس هو نبي باتفاق، ولم يصرح به هنا.
الأمر الثاني: أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد نسخه لاستواء الوحي إلى نبينا وغيره من النبيين؛ لأن الشرائع متلقاة عن الوحي، فإذا استوى الجميع في الوحي استووا في الشرائع.
وأجيب بأن المراد كما أوحينا إليهم في التوحيد ونحوه من قواعد الأصول ردا على تثليث النصارى المذكورين قبل هذه الآية وبعدها بدليل:{وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}(٤٨)[المائدة: ٤٨] والجمع بينهما بما ذكرناه من استواء الشرائع في الأصول التي لا تقبل التغيير دون الفروع التي تقبله.
{وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً}(١٦٤)[النساء: ١٦٤] يحتج به الصوتية على أنه كلمه بحرف وصوت، ووجهه أنه أكد الفعل بالمصدر إرادة لحقيقة الكلام وهو بالحرف والصوت.
احتج الآخرون بما سبق، وبأنه إنما أكده بالمصدر لئلا يظن أنه كلمه إلهاما أو في الرؤيا أو نحو ذلك، وتأوله بعض المعتزلة على أنه كلّمه بإظهار المحن من الكلم وهو الجرح، بدليل:{إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ}