للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾ [المؤمنون: ١٨]

وقوله: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الزمر: ٢١].

ذكر السيوطي أنه قد استدل بالآيتين من قال إنّ المياه كلها من السّماء وأنّه لا ماء من الأرض (١).

وذهب آخرون إلى خلاف ما سبق. قال القرطبي: «توقف جماعة في ماء البحر، لأنه ليس بمنزل من السماء» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ليس في القرآن أن جميع ما ينبع يكون من ماء السماء ولا هذا أيضا معلوما بالاعتبار، فإنّ الماء قد ينبع من بطون الجبال، ويكون فيها أبخرة يخلق منها الماء، والأبخرة وغيرها من الأهوية قد تستحيل، كما إذا أخذ إناء فوضع فيه ثلج فإنه يبقى ما أحاط به ماء وهو هواء استحال ماء وليس ذلك من ماء السماء فعلم أنه ممكن أن يكون في الأرض ماء ليس من السماء فلا يجزم بأنّ جميع المياه من ماء السماء وإن كان غالبها من ماء السماء» (٣).

وسواء كان ماء الأرض من السماء أو لا، قفد اتفق العلماء على طهورية كل ماء سواء نزل من السماء أو نبع من الأرض.

قال ابن رشد: «وأجمع العلماء على أنّ جميع أنواع المياه طاهرة في نفسها مطهرة لغيرها، إلّا ماء البحر، فإنّ فيه خلافًا في الصّدر الأوّل شاذا» (٤).

فقد حكي عن ابن عمر كراهية الوضوء به، وأكثر صحابة رسول الله على


(١) انظر: الإكليل (٣/ ١١٥١).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٣/ ٥٣).
(٣) مجموع الفتاوى (١٦/ ١٦).
(٤) بداية المجتهد (١/ ٢٩).

<<  <   >  >>