وقال قوم: سببها أن قوماً كانوا لا يصلون إلا في مساجدهم في قبلتهم، فإذا حضرت الصلاة في غير ذلك من المساجد لم يصلوها فيها.
وسبق في اشتراط النية بيان أن مِنْ العلماء مَنْ حمل لفظ الوجه هنا على القصد لا على الجارحة والله أعلم.
ويستثنى من الحكم السابق وهو وجوب استقبال الكعبة في كل صلاة ما يأتي:
أولاً: صلاة النافلة على الراحلة في السفر، استدلالاً بقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥].
ومأخذ الحكم: أن (أين) من ألفاظ العموم، فتعم أي جهة توجه لها المصلي، وقصرها على السفر دل عليه سبب نزولها، كما سيأتي في باب صلاة المسافر.
ثانياً: يستثنى من الحكم السابق كذلك الصلاة حال المسايفة في القتال، حيث يصلي على كل حال، استدلالاً بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩].
وهنا مسائل متعلقة بالآيات والشرط المذكور منها:
المسألة الأولى: اتفق العلماء على أن المراد بالشطر الوارد في قوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ في حق المعاين للكعبة والقريب منها هو (العين)، وذهب جمهور أهل العلم إلى أن المراد بالشطر في حق البعيد عن الكعبة الغائب عنها هو الجهة.
ومأخذ الحكم: تفسير الصحابي وهو حجة وبه قال علي وابن عباس ﵃، وهناك مأخذ أخر لهذا الحكم يهمنا مايتعلق بهذه الآية.