للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: اختلف العلماء في جواز صلاة الفريضة داخل الكعبة، فذهب المالكية والحنابلة إلى عدم جواز ذلك، استدلالاً بقوله: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾. وقالوا: الشطر: الجهة، ومن صلى فيها أو على سطحها غير مستقبل لجهتها.

ومأخذ الحكم: أن الاستقبال للكعبة مأمور به، ومن صلى داخلها أو على سطحها فقد أتى ببعض المأمور، وخالف بعضه باستدبارها، فلم يتحقق المأمور به.

وأشار ابن رشد إلى سبب الخلاف بقوله: «والاحتمال المتطرق لمن استقبل أحد حيطانها من داخل هل يسمى مستقبلاً للبيت، كما يسمى من استقبله من خارج أم لا؟» (١).

وكذا اختلفوا في الصلاة على سطحها، والجمهور على عدم الجواز بناء على أنه لا يستقبل شيئاً منها، وقد أمر بالتوجه والتولي شطرها.

المسألة الثالثة: من صلى بالاجتهاد إلى غير القبلة، ذهب بعض العلماء إلى صحة صلاته فلا يلزم بإعادتها، وهو مذهب جمهور أهل العلم، استدلالاً بقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥].

ومأخذ الحكم: قيل إنها نزلت فيمن صلى بالاجتهاد إلى القبلة ثم تبين له الخطأ.

وسبق القول بأنها نزلت في جواز صلاة النافلة على الراحلة في السفر.

قال الرازي: «لا يمتنع أن تكون نزلت في الأمرين معاً، بأن وقعا في وقت واحد، وسُئل النبي فأنزل الآية مريداً بها حكم جميع ذلك» (٢).


(١) بداية المجتهد (١/ ١٢٠).
(٢) نقله عنه السيوطي في الإكليل (١/ ٣١١).

<<  <   >  >>