للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشاهد هنا: أن سبب النزول قطعي الدخول في الآية إن ثبت ذلك. والواقع أنه لم يثبت، ففي إسناده ضعفٌ، ونص الحديث هو: عن عامر بن ربيعة قال: (كنا مع النبي في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل منا على حاله، فلمّا أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي فنزل: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥] (١).

أما السبب الصحيح الوارد في الصحيح من حديث ابن عمر فهو قوله: (كان رسول الله يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجْهُهُ، قال: وفيه نزلت: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥] (٢)، وفي رواية عنه قال: إنما نزلت هذه الآية: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥]. أن تصلي أينما توجهت بك راحلتك في السفر) (٣)

فائدة: عند الشافعية قاعدة أو ضابط فقهي نصه: النادر إذا لم يَدُم فإنه يقتضي القضاء. ومثلوا لذلك بالمربوط على خشبة فإنه يصلي ثم يعيد صلاته إذا زال عذره، وكذا - وهو المقصود هنا- المشتبه عليه القبلة في سفره.

واستثنوا من ذلك: الصلاة في حال المسايفة، وإن اختلفت شروطها وأركانها،


(١) أخرجه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم، برقم (٣٤٥)، وابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم، برقم (١٠٢٠)، وقال الترمذي: «هذا حديث ليس إسناده بذاك، ولا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان، وهو يضعف في الحديث». وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (١/ ٣١٣ - ٣١٤): «قد رواه أبوداود الطيالسي في مسنده عن أشعث بن سعيد، وعمر بن قيس، عن عاصم بن عبيد الله، وهو يقوي رواية أشعث، ويزيل تفرده به .... وبعض هذه الطرق مما يغلب على القلب أن الحديث له أصل وهو محفوظ»، وانظر: إرواء الغليل للألباني (١/ ٣٢٣) برقم (٢٩١).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت، برقم (٧٠٠).
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٣/ ٤٧٩)، برقم (٢٦٤٤) بإسناد ضعيف.

<<  <   >  >>