للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الثّاني: في قوله: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ فهو للوجوب، وقد فسر مجاهد القنوت هنا بالخشوع، وفُسِّر بتفسيرات أخرى، ومن أشهرها: السّكوت وبه نزلت الآية، فمنعوا من الكلام، وأمروا بالاستماع والإنصات كما في الآية اللاحقة، وما ذاك إلّا لقطع ما يُشغل القلب عن الإقبال والخشوع لله.

وعلى هذين التفسيرين للأمرين الواردين في الآية، يمكن حملها على الندب بما سبق في أوّل الباب من أن الشارع لم يأمر من سها في صلاته ولم يدر كم صلى بإعادة صلاته، بل أمره بسجود السهو فقط.

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: ٢٠٤]

استدل بالآية على مشروعية الخشوع على الخلاف السّابق من الوجوب والندب.

ومأخذ الحكم: الأمر الدال على الطّلب في قوله: ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ إذ إن الاستماع والإنصات إنّما شرعا؛ لأجل التأمل والتّدبر في معاني القرآن والذي به يحصل الخشوع.

قوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾

وردت في القرآن مرتين، الأولى: في سورة النّساء في قوله: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢].

الثاني: في سورة محمّد في قوله: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: ٢٤].

ودلت الآيتان على وجوب التدبر والتأمل في كلام الله؛ ليقف على معناه، وما

<<  <   >  >>