للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠]

استدل بالآية على أن القراءة ركن في الصّلاة، وقد نُقل الإجماع على ذلك ثم وقع خلاف في المجزئ الفاتحة أو غيرها، كما سيأتي.

ومأخذ كون القراءة ركنا: الأمر الوارد، وهو قطعي الثبوت والدّلالة وبمثله تثبت الأركان. وقيل: قراءة الفاتحة من واجبات الصّلاة وليست من أركانها عند الحنفية خلافًا للجمهور.

ومأخذ الحكم عند الحنفية: أن المولى أطلق القراءة من القرآن من غير تقييد بفاتحة ولا غيرها، فدل على أن قراءتها ليست ركنًا، ولم يأخذوا بدلالة السّنة الأحادية، كقوله : (لا صلاة لمَن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) (١)؛ لأنّ فيه زيادة على النّص، وهو نسخ، ولا يُنسخ المقطوع بالآحاد، فحملوا دلالة الحديث على الوجوب دون الفرضية.

أمّا الجمهور فقالوا: بأنّ الفاتحة ركن، بدلالة السّنة كما في الحديث السابق (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فحملوا النفي في الألفاظ الشّرعيّة على نفي الصّحة؛ إذ لا يمكن هنا نفي الوجود؛ لوجود من يصلي ولا يقرأ الفاتحة، فوجب حملها على نفي الصحة.

قال العثيمين في منظومته (٢):

والنّفي للوجود ثم الصحة … ثم الكمال فارعين الرتبة


(١) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (٣٩٤).
(٢) منظومة أصول الفقه وقواعده ص (٢٤).

<<  <   >  >>