للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب جمهور أهل العلم إلى أن الاستعاذة مستحبة، وحكى ابن جرير وغيره الإجماع على ذلك (١).

ومأخذ الحكم: أنّهم جعلوا الصّارف للوجوب إلى النّدب أحد الأمور الآتية:

الأوّل: الإجماع السّابق، وهذا فيما إذا ثبت؛ وذلك لوجود المخالف، والقائل بالوجوب من سلف الأمة، عطاء بن أبي رباح، والثوري وغيرهما.

الثاني: ما جاء في حديث المسيء في صلاته، وفيه: (إذا قمت إلى الصّلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا) الحديث (٢).

وسبق أن الحديث في مقام التّعليم، ولو كان واجبًا لعلمه النّبي ؛ لأنّ تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز.

تنبيه: مشهور مذهب المالكية عدم مشروعية الاستعاذة بل كراهتها في صلاة الفريضة، وهناك رواية عن الإمام بمشروعيتها في صلاة القيام برمضان.

مستدلين بما رواه أنس بن مالك أنّ النبي وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصّلاة ب ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

وحملها الجمهور على أنّهم ما كانوا يجهرون بها قبل القراءة، بل يسرونها؛ ولذلك لم يسمعها.

وأجاب ابن العربي المالكي عن هذا الدّليل بقوله: « … وتعلّق مَنْ أخذ بظاهر المدونة بما كان في المدينة من العمل»، ثم قال: «ولم يثبت عندنا أن أحدًا من أئمة الأمة ترك الاستعاذة فإنه أمر يفعل سرا، فكيف يعرف جهرا» (٣).


(١) تفسير الطبري (١٤/ ٣٥٧)، وانظر: موسوعة التفسير المأثور (١٢/ ٦٧٨).
(٢) أخرجه أبوداود في، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، برقم (٨٥٦).
(٣) أحكام القرآن (٣/ ١٥٩).

<<  <   >  >>