للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه: إذا قال الصحابي نزلت الآية في كذا فهل لها حكم الرفع؟ ويترتب على ذلك وقوع التعارض وكيف يدفع؟

يفرق بعض العلماء بين الصيغ الصريحة لأسباب النزول وغيرها، وما كان من الصيغ الصّريحة فإنّ له حكم الرّفع.

ومن الصيغ الصّريحة، إذا قال الراوي: سبب نزول هذه الآية كذا، أو يأتي بالفاء التعقيبية، كأن يقول حديث كذا، أو سئل رسول الله عن كذا، فنزلت الآية.

ومن الصيغ المحتملة، قول الراوي: نزلت هذه الآية في كذا، فهذا يراد به تارة أنّه سبب النزول، وتارة أنّه داخل في معنى الآية، وإن لم يكن السبب، كما تقول عني بهذه الآية كذا.

ذكر ذلك شيخ الإسلام ثم قال: «وقد تنازع العلماء في قول الصحابي نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند، كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند، فالبخاري يدخله في المسند، وغيره لا يدخله فيه … » (١).

وقال الزركشي في البرهان: «وقد عرف من عادة الصحابة والتابعين، أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها وجماعة من المحدثين يجعلون هذا من المرفوع المسند، كما في قوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]، وأما الإمام أحمد فلم يدخله في المسند، وكذلك مسلم وغيره، وجعلوا هذا مما يقال بالاستدلال وبالتأويل فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع» (٢).


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٤٠).
(٢) البرهان في علوم القرآن (١/ ٣١ - ٣٢).

<<  <   >  >>