للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• الحكم الثاني: استدل بالآية من قال بأن القصر يكون عندما يبرز من بيوت بلده، وهو باتفاق المذاهب الأربعة.

مأخذهم: إنّ معنى الضّرب في الأرض لا يتحقق إلّا بذلك.

وهل يشترط أن يكون السفر طويلًا أولًا؟ خلاف بين العلماء.

مأخذه: الإطلاق الوارد في الآية، فقد أطلق القصر على الضّرب ولم يقيده بكون طويلًا أو قصيرًا.

قال الموزعي: «فأخذ بإطلاقه آخرون، وهم أهل الظاهر، فجوزوا القصر، في كلِّ سفر، طويلًا أو قصيرًا، وقيده الجمهور من أهل العلم بالمعنى الذي أبيح له القصر، وهو المشقة الزائدة على مشقة الحضر، ثم اختلفوا … » (١). أي في تقدير المسافة، يراجع في ذلك إلى كتب الفقه.

• الحكم الثالث: ذهبت الحنفية إلى جواز القصر في سفر المعصية.

ومأخذهم: العموم في الآية، والمعنى: لا جناح عليكم القصر في السفر.

أمّا الجمهور فقالوا: بعدم جواز القصر في سفر المعصية؛ استدلالا بقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ وسفر المعصية فيه تعدٍّ على حرمات الله، وهو منهي عنه فلا يجوز لفاعله أن يتمتع برخصة السفر؛ ولذا قالوا: الرخص لا تناط بالمعاصي.

ولأنّ في التخفيف عن العصاة عونًا لهم على المعصيّة، والمولى يقول: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].


(١) تيسير البيان (٣/ ١٣).

<<  <   >  >>