للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• الحكم الرابع: استدل بالآية من قال بأن القصر في السفر إنّما يكون للخائف، فمن كان آمنًا فلا قصر له، فسبب القصر: السفر والخوف.

ومأخذ الحكم: مفهوم الشرط في قوله: ﴿إِنْ خِفْتُمْ﴾ فدلّ بمفهومه المخالف أنّه لا قصر في حال الأمن.

وأيدّوا ما ذهبوا إليه بما روي عن أمّ المؤمنين عائشة أنّها كانت تقول في السفر (أتموا صلاتكم، فقالوا: إنّ رسول الله كان يقصر، فقالت: إنّه كان في حرب وكان يخاف وهل أنتم تخافون؟) (١).

وذهب الجمهور إلى عدم اشتراط الخوف، وقد أجابوا عن الأثر المروي عن أمّ المؤمنين عائشة بأنّه ضعيف، واستدلوا بما رواه مسلم من حديث يعلى بن أمية ، وقوله: قلت لعمر: ما لنا نقصر وقد أمنا، قال عمر: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله عن ذلك فقال: (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) (٢) وهذا نص في المسألة؛ ولذا قالوا: لا عبرة بمفهوم المخالفة لهذا النّص، ولكونه خرج مخرج الغالب، إن كان الغالب على المسلمين الخوف في الأسفار، وما خرج مخرج الغالب لا حجة في مفهومه.

تنبيه: ذهب قوم إلى أن الشرط في قوله ﴿إِنْ خِفْتُمْ﴾ شرط للتّعليق بالحكم الذي بعده.

قال الموزعي: «فهو ابتداء كلام متصل بما بعده، منقطع عما قبله. وروي عن أبي أيوب الأنصاري : أنه قال: نزل قوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ١٢٧ - ١٢٨) برقم (١٠٣١٦)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (٤١٤١).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>