للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأقدام، ونسبه القرطبي إلى الجمهور (١)، والمعنى: فاعملوا على المضي إلى ذكر الله، واشتغلوا بأسبابه من الغسل والتّطهر، والتوجه إليه؛ لأنّ السعي بالأقدام مكروه؛ لقوله (إذا أقيمت الصّلاة، فلا تأتوها وأنتم تسعون) (٢).

قلت: ويؤيد هذا القراءة الشاذة (فامضوا إلى ذكر الله) (٣).

وقد ذكر ابن الفرس أن السعي في كلام العرب لفظ يحتمل الجري، كقوله (فلا تأتوها وأنتم تسعون) ويحتمل المشي من غير جري كالآية (٤).

واحتج ابن شهاب بما كان يقرأ به عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود من قراءة (فامضوا إلى ذكر الله)، ثم ذكر خلاف العلماء في حمل القراءة التي لم تثبت في المصحف هل تجري مجرى الخبر مطلقًا سواء أسندت أم لا؟ أو يشترط إسنادها إلى النّبي ، ثم ذكر أن البعض حمل احتجاج ابن شهاب بقراءة عمر على جهة التّفسير من عمر، وهو من أهل اللسان، ففسر السّعي بأنّه المضي، وقوله في ذلك حجة بلا خلاف بين العلماء (٥).

المأخذ الثّاني: النّهي عن البيع، بصيغة الأمر التي معناها النهي ﴿وَذَرُوا﴾ والأمر بترك البيع لأجل تحقيق السّعي لصّلاة الجمعة، ويقتضي الأمر هنا وجوب ما ترك من أجله، وهي: صلاة الجمعة.

قال القرطبي: «والدليل على وجوبها أنها تحرِّم البيع، ولولا وجوبها ما حرَّمته؛


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٠١).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (٦٠٢).
(٣) انظر: تفسير الطبري (٢٣/ ٣٨١)، وتفسير عبد الرزاق (٣/ ٣٠٩).
(٤) انظر: أحكام القرآن (١/ ٥٥٦ - ٥٥٧).
(٥) انظر: أحكام القرآن (١/ ٥٥٦).

<<  <   >  >>