للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجمهور، خلافًا لمن قال لا تشرع إلّا مع النّبي .

مأخذ القائل إنّها لا تشرع إلا مع النبي مفهوم الشرط في قوله: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ الآية، ومفهوم الشرط يقتضي تخصيصه .

وأجيب عنه: بأن اشتراط كونه فيهم إنّما ورد لبيان الحكم لا لوجوده، والتقدير: بيّن لهم بفعلك؛ لكونه أوضح من القول كما قاله ابن العربي وغيره.

قال الشّيخ الشنقيطي: «وردّ عليهم بإجماع الصحابة بعده وبقوله (صلوا كما رأيتموني أصلي) (١) وعموم منطوق هذا الحديث مقدم على ذلك المفهوم» (٢).

وقال قبل ذلك: «والاستدلال على خصوصها به بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ الآية، استدلال ساقط، وقد أجمع الصحابة والمسلمون على ردّ مثله في قوله: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١٠٣]». وسيأتي شيء من التفصيل في هذا في كتاب الزكاة.

• الحكم الثالث: استدل بالآية على مشروعية إقامة صلاة الخوف جماعة، على خلاف بين العلماء، فمن قائل: إنّها واجبة، وقائل: إنّها مستحبة.

ومأخذ القائل بالوجوب هو: قوله ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ فالأمر في قوله ﴿فَلْتَقُمْ﴾ مع حرف المعية ﴿مَعَكَ﴾ الذي يقتضي الجمعية، وسبق ذكر شيء من ذلك في باب صلاة الجماعة.


(١) أخرجه البخاري، وقد سبق.
(٢) أضواء البيان (١/ ٢٦٤).

<<  <   >  >>