للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قال: بأنّ شريعة من قبلنا شريعة لنا.

يقول ابن القيم: في قصة موسى عند استدلال الشّاهد بقرينة قدِّ القميص من دبرٍ على صدقه وكذب المرأة: « … وحكاه الله حكاية مقرر له غير منكر، والتأسي بذلك وأمثاله في إقرار الله له، وعدم إنكاره، لا في مجرد حكايته؛ فإنه إذا أخبر به مقرًا عليه، ومثنيًا على فاعله ومادحًا له، دلّ على رضاه به وأنّه موافق لحكمه ومرضاته، فليتدبر هذا الموضع، فإنه نافع جدا» (١).

قال تعالى: ﴿وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا﴾ [هود: ٥٢] ونحوه في [نوح: ١٠ - ١١] وهو قوله سبحانه: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا﴾ [نوح: ١٠ - ١١].

استدل أبو حنيفة بالآيتين على عدم سنية صلاة الاستسقاء، بل المشروع فيها الدعاء، مستدلين بعدم ذكر الصّلاة، بل الأمر بالاستسقاء فقط، وأيدوا ذلك

-أيضًا- بالأحاديث التي جاء فيها استسقاء النبي بدون ذكر الصّلاة، ومنها ما أخرجه البخاري في باب الاستسقاء وخروج النبي ، وفيه: (خرج النبي يستسقي وحوَّل رداءه) (٢) وكذا استسقاؤه وهو على المنبر.

وأمّا الجمهور فقد استدلوا بما ورد في الصّحيحين من صلاته ركعتين، وفيه: (خرج النبي يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو وحوَّل رداءه، ثمّ صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة) (٣).

ولذا قال العلماء لا تشترط الصّلاة في الاستسقاء، فقد يكتفى بالدّعاء فقط.


(١) زاد المعاد (٣/ ١٣٥ - ١٣٦).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء وخروج النبي في الاستسقاء، برقم (٩٦٠).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء، برقم (٩٧٨).

<<  <   >  >>