للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مأخذ الحكم: إذا علم بأنّ الدعاء استسقاء، فيكون مأخذ المشروعية الأمر بقوله ﴿اسْتَغْفِرُوا﴾ كما أن جعل الفعل -وهو الدّعاء والاستسقاء- سببًا في حصول مطلوب المكلف ومرغوبه، وهو -نزول الغيث- هذا الأسلوب من الأساليب الشّرعيّة الدّالة على المشروعية والدائرة بين الوجوب والنّدب.

قال العزّ بن عبد السّلام: « … أو وعد عليه بخير عاجل، أو أجل فهو مأمور به، لكنه مردد بين النّدب والايجاب» (١).

فالواجب والمندوب هما اللذان يثاب عليهما المكلف، وقد جعل إرسال الماء سببًا من أسباب الاستغفار. وقد جُزِم الفعل (يرسلْ) في الآيتين؛ لكونه جواباً للأمر.

قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: ٩٦].

استدل بالآية على مشروعية الاستسقاء، وأن الإيمان والتقوى وأعمال الخير، سبب لنزول المطر، وأن المعاصي سبب للقحط.

ومأخذ الحكم: الجملة الشّرطية في الآية، وثبوت المشروط عند ثبوت الشّرط.

قال الهرري: «﴿وَلَوْ﴾ الواو: استئنافية، (لو) حرف شرط … ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ﴾ اللام: رابطة لجواب (لو)» (٢).

قال القرطبي: «وهذا في أقوام على الخصوص جرى ذكرهم؛ إذ قد يمتحن المؤمنون بضيق العيش ويكون تكفيرًا لذنوبهم. ألا ترى أنه أخبر عن نوح إذ قال لقومه: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا﴾ [نوح: ١٠ - ١١] وعن


(١) الإمام في بيان أدلة الأحكام (٢٧٥).
(٢) حدائق الروح والريحان (١٠/ ٣٤).

<<  <   >  >>