للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووجه استنباط العلّة من الآية: هو أن قوله: ﴿وَلَا يُنْفِقُونَهَا﴾ إيماء إلى أنّ المراد بالذهب والفضة في الآية نقودهما؛ لأنها المعدّة للإنفاق، والآلة المباشرة له، والضّمير عائد عليهما باعتبارهما دراهم ودنانير، أي: باعتبارهما نقودًا؛ ولهذه الخاصيّة نصّ عليها في الآية لا لنفاستهما في نفسيهما (١)؛ لأنّه وجدت معادن لا تقل غلاء ونفاسة عن الذهب والفضة، بل قد تزيد كالألماس، واليورانيم، ولا زكاة فيهما؛ لأنّها ليست نقودًا (٢).

ثمّ إنّ كون الزّكاة واجبة دلّ عليه قوله: ﴿وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ولا عقاب إلا على ترك واجب، فدلّ على أن الانفاق واجب.

قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣]

استدل بالآية على عدد من الأحكام:

• الحكم الأول: وجوب الزكاة.

ومأخذ الحكم: إذا فُسرت الزكاة هنا بزكاة الفرض، وبه قال عكرمة.

وقيل: المراد بالصّدقة: الطّهارة من الذّنوب؛ وبه قال الحسن .


(١) ينظر: الفتاوى السعدية، ص ٣١٤، مختصر فقه الزكاة، ص ٩٢، توضيح الرؤية القاصرة، ص ٧٣.
(٢) وسبب اختلافهم راجع إلى اختلافهم في حقيقة الأوراق النقدية فمن رأى أنها أسناد بدين على جهة إصدارها لم يوجب الزكاة قبل قبض هذه الأسناد أو بعبارة أدق جعلها في حكم زكاة الدين، ومن قال بأنها عرض من العروض لها ما للعروض من الخصائص والأحكام لم يوجب الزكاة فيها إلا إذا أعدت للتجارة، ومثله من ألحقها بالفلوس مع ملاحظة أصل الفلوس وهو العرضية وأما من لحظ عامل ما انتقلت إليه وهو الثمنية فإنه أوجب الزكاة فيها، ومن نظر إلى أن هذه الأوراق بدل لما استعيض بها عنه وهما النقدان أو أنها نقد قائم بنفسه كالذهب والفضة فإنه أوجب الزكاة فيها. انظر: أبحاث هيئة كبار العلماء ١/ ٣٥.

<<  <   >  >>