ومأخذه: سبب نزول الآية، وهو قطعي الدّخول، وقد ورد في سبب نزول الآية عن ابن عباس ﵄ قوله:(لما تخلف عشرة من المسلمين بلا نفاق، منهم أبو لبابة، ومرداس، وأبو قيس، واعتذروا، فلم يُعذورا حتى أوثقوا أنفسهم بسواري المسجد باكين متضرعين، وحلف أبو لبابة لا يُحله إلا رسول الله ﷺ، نزل قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ [التوبة: ١٠٢] فلما نزلت الآية، أطلقهم، فقالوا: هذه أموالنا التي خلفتنا، فأبى رسول الله ﷺ أخذها، فنزلت: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ [التوبة: ١٠٣] فأخذ الثلث)(١).
وذهب الجمهور إلى عموم الصدقتين؛ لأنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السّبب، ويدلّ على العموم قوله: ﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣] فقوله: ﴿تُطَهِّرُهُمْ﴾ إشارة إلى الصدقة المطهِّرة من الذنوب، وقوله: ﴿وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ إشارة إلى الصدقة الواجبة المزكيّة.
تنبيه: الدعاء للفاعل المدلول عليه بقوله ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ من الأساليب الشّرعيّة التي يستند إليها إلى إثبات مشروعية الأحكام - والصدقة هنا - دائرة بين الوجوب والنّدب. فتحتاج الفرضية إلى دليل آخر يعتمد عليه.
• الحكم الثاني: استدل بالآية من قال: بأنّ الزّكاة يجب أن تدفع إلى الإمام؛ لقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾؛ ولذا لو فرّق المالك زكاته دون الإمام ضمن، وهو مذهب الإمام مالك.
وذهب الشّافعي في الجديد إلى أن ربّ المال مخيّر بين أن يفرقها بنفسه، أو يدفعها إلى الإمام فيفرقها.
(١) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (١٠٣٠٣)، وانظر: موسوعة التفسير المأثور (١٠/ ٦٠٩) وما بعدها.