ومأخذ الحكم: أن قوله ﴿خُذْ﴾ خطاب للنّبي ﷺ، ويقتضي بظاهره اقتصاره عليه، فلا يأخذ الصّدقة سواه، وينزل الحاكم منزلته في ذلك.
وقيل: لا يأخذها إلا النّبي ﷺ، ولا ينزل أحد منزلته، وتسقط بموته ﷺ.
ومأخذهم: أن الخطاب موّجه له، واستدلوا كذلك بسياق الآية في قوله ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾.
وقالوا: لم تكن الزكاة إلّا مع صلاة النبي ﷺ التي كانت سكنًا لنا، وصلاة غيره ليست كذلك، وبهذا استدل مانعوا الزّكاة على أبي بكر الصّديق ﵁.
قال ابن العربي في رده على من قال بأنّ الخطاب موجه للنبي ﷺ: «أمّا قولهم: إنّ هذا خطاب للنّبي ﷺ فلا يلتحق غيره فيه به، فهذا كلام جاهل بالقرآن غافل عن مأخذ الشريعة، متلاعب بالدّين، متهافت في النظر؛ فإنّ الخطاب في القرآن لم يرد بابا واحدا، ولكن اختلفت موارده على وجوه، منها في غرضنا هذه ثلاثة:
الأول: خطاب توجه إلى جميع الأمة، كقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ [المائدة: ٦] وكقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] ونحوه.
الثاني: خطاب خُصَّ به النبي ﷺ، كقوله: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ [الإسراء: ٧٩].
الثالث: خطاب خُصَّ به النبي ﷺ قولاً ويشركه فيه جميع الأمة معنى وفعلًا؛ كقوله: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨] الآية. وقوله ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: ٩٨] وقوله: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٢]، فكل من دلكت عليه الشمس مخاطب بالصلاة، وكذلك كل من قرأ القرآن مخاطب بالاستعاذة، وكذلك كل