للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه: ذهب جمهور أهل العلم إلى أن المراد بالصّدقة هنا: صدقة التّطوع، أمّا صدقة الفرض فإظهارها أفضل، وحكى الطبري الإجماع على ذلك، والخلاف موجود.

قال القرطبي: «قال ابن العربي: وليس في تفضيل صدقة العلانية على السّر، ولا تفضيل صدقة السّر على العلانية حديث صحيح ولكنه الإجماع الثابت، فأما صدقة النّفل فالقرآن ورد مصرحا، بأنها في السِّر أفضل منها في الجهر، بَيْد أن علماءنا قالوا: إنّ هذا على الغالب مخرجه، والتحقيق فيه أن الحال في الصدقة تختلف بحال المُعطِي لها، والمُعطَى إياها والناس الشاهدين لها. أما المعطي فله فيها فائدة إظهار السُّنة وثواب القدوة.

قلت: هذا لمن قويت حاله وحسنت نيَّته وأَمِنَ على نفسه الرياء، وأما من ضعف عن هذه المرتبة فالسر له أفضل. وأما المُعطَى إياها فإنّ السّر له أسلم من احتقار الناس له، أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف، وأما حال الناس فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم، من جهة أنهم ربما طعنوا على المُعطِي لها بالرِّياء وعلى الآخذ لها بالاستغناء، ولهم فيها تحريك القلوب إلى الصدقة، لكن هذا اليوم قليل» (١).

• الحكم الثاني: صدقة النّفل على الفقير أفضل.

مأخذ الحكم: الإتيان ب (أفعل) التّفضيل ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وأصلها (أخير) و ﴿خَيْرٌ﴾ لفظها ومعناها يدل على المراد، وسبق القول: إنّ من الأساليب الدّالة على الوجوب والنّدب وصف الفعل بأنه خير، والجمهور على أن الأصل فيه النّدب.


(١) الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٣٣٢ - ٣٣٣)، وانظر أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣١٥).

<<  <   >  >>