للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال العزّ بن عبد السّلام: «التّوبيخ والانكار إن تعلقا بفعل دلّا على النّهي عنه، وإن تعلقا بترك دلّا على الأمر بالمتروك» (١).

وهذا الأسلوب قد يحمل فيه الإنكار على ترك الفعل على وجوب الفعل؛ إذ لا إنكار إلّا في ترك الواجب.

وقيل: لا يتعين الإنكار في ترك الواجب، بل يقع على ترك السّنة كذلك، قاله جمع من العلماء.

وقد يكون الوجوب هنا مصروفاً إلى النّدب بقرينة، وهي هنا: كون استنكار ترك الفعل ليس هو المقصود، بل المقصود إنّما هو الإنكار على الفعل، وهو إنفاقه المال على عداوة النبي .

ومأخذ آخر لحكم المسألة وهو: أن يحمل قوله ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ على الدعاء؛ أي: فلا نجا ولا سَلِم من لم ينفق ماله في كذا وكذا.

والدعاء للفاعل من الأساليب الشرعيّة التي يستند إليها في مشروعية الأحكام، وهو دائر بين الوجوب والنّدب، وهو هنا كما سبق يحمل على النّدب في حق الأسير للإجماع.

قال أبو العباس القرطبي في المفهم: «قوله (اللهم أعط منفقًا خلفًا) (٢) … وهذا يعم الواجبات والمندوبات» (٣).


(١) الإمام في بيان أدلة الأحكام (١٣٥).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب قول الله تعالى ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)﴾ اللهم أعط منفق مال خلفا، برقم (١٣٧٤)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب في المنفق والممسك، برقم (١٠١٠).
(٣) المفهم لما أشكل من كتاب تلخيص مسلم لأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي (٣/ ٥٥).

<<  <   >  >>