للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستحقاق مع التّعيين. قال بالأوّل الإمام أبو حنيفة، وبالثّاني الإمام الشّافعي.

مأخذ القول الأوّل: لعله الالتفات إلى المعنى الذي شرعت له الزكاة، وهو أن المقصود بها سدّ الخُلة، ودفع حاجة الفقير، وهذا المعنى موجود في الصنف الواحد، قاله الموزعي، ثم رجح مذهب الشافعي، وبعدها بيَّن أن مأخذ القول الثاني مبني من ثلاثة أوجه (١):

«قال: أحدها: اتباع موضوع الخطاب، فاللام موضوعة للتّمليك حقيقة، والواو موضوعة للتّشريك حقيقة، وحملهما على التّخصيص والتخيير (أي: على صنف واحد) مجاز، والحقيقة خير من المجاز.

وأجاب عن هذا بأنّ اللام ليست للاستحقاق؛ لأنها لو كانت حقيقة في التمليك لوجب إذا فُقد صنف من هذه الأصناف أن يكون نصيبه لبيت المال، ولا يرد على بقية الأصناف؛ لأن لهم حظًا معلومًا، فلا يعطون شيئا لا يملكونه، وَلَوَجَبَ إن فضل على صنف سهمهم، ونقص على الآخرين سهمهم ألا يردّ عليهم، وهم لا يقولون بجميع ذلك.

أمّا المأخذ والوجه الثّاني: لمذهب الشافعي، فهو قوله تعالى: ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ﴾ والفرض هو التّقدير، قالوا: وهذا يدلّ على التقدير بين الأصناف.

وأجاب عنه الموزعي بأنّه يجوز أن يكون فريضة تفسيرًا لحصر الصدقات في المذكورين في الآية دون غيرهم، فقد حصرها الله سبحانه لهم، وفيهم، لا بينهم (٢).

أمّا المأخذ والوجه الثّالث: فهو من السّنة، وفيه: أن رجلًا سأل النّبي أن يعطيه من الصّدقة، فقال له رسول الله : (إنّ الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في


(١) تيسير البيان (٣/ ٣٤٩).
(٢) تيسير البيان (٣/ ٣٥١).

<<  <   >  >>