المسألة الثانية: عدم اعتبار اختلاف المطالع، بل إن رؤي في بلد ما، وجب على جميع المسلمين الصيام، وهي مسألة خلافية منذ القدم.
ومن قال باعتبار اختلاف المطالع استدل بأدلة أخرى. أمّا إذا اتحدت المطالع فقد لزم الصوم؛ إذ إنهم يعتبرون في حكم المشاهد أي: حكمًا لا حقيقة.
المسألة الثالثة: إذا شهد الشهر أثناء النهار، فإنه يلزمه الإمساك، واختلفوا هل يلزمه القضاء، فذهبت الحنفية إلى أنّه قد صام بعد شهوده الشهر، فخرج من عهدة الأمر، أخذًا بعموم الآية. وحمل الجمهور الصيام هنا على الصيام الشّرعي، ولا يُعلم أن من صام بنيةٍ من النهار، قد أتى بصوم شرعي، فلا يخرج من عهدة الأمر.
المسألة الرابعة: إنّ من شهد الشهر ورآه لوحده، ورُد قوله، فإنّه يلزمه الصوم لعموم الآية.
ومنها: أن من شهد أوّل الشهر، أو آخره فليصم ما دام مقيمًا، بخلاف من قال إن من حضر دخول الشهر وكان مقيمًا في أوله فليكمل صيامه سافر بعد ذلك أو لا، وإنّما يفطر في السّفر من دخل عليه رمضان وهو في سفره، وهذا القول وإن قال به علي وابن عباس وغيرهم إلّا أنّه مردود بسفر النبي ﷺ في رمضان وإفطاره فيه وهو بالكديد (١).
ومأخذ القولين من الآية القول بأن الشهر في الآية منصوب على الظرف، وأن المفعول محذوف، والتقدير: فمن شهد منكم المِصْرَ في الشهر فليصم.
المسألة الخامسة: أن المجنون إذا تمادى به الجنون طول الشهر، فلا قضاء عليه؛ لأنّه لم يشهد الشهر بصفة يجب بها الصيام. ومن جُن أوّل الشهر أو آخره فإنّه يقضي أيام جنونه، وهو مذهب أبي حنيفة.
وقال الشافعي: إن أفاق بعد انقضاء الشهر فلا قضاء عليه، وإن أفاق في بعضه
(١) أخرجه البخاري في كتاب الصيام، باب إذا صام أياماً من رمضان ثم سافر، برقم (١٩٤٤).