وذهب مالك إلى أنّه يلزمه القضاء، أفاق قبل انقضاء الشهر أو بعده، واعتمد على عموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ وهذا شهد الشهر مريضًا فيلزمه عدة من أيام أخر. فحمل الشهود والإدراك بالإقامة وترك السفر، وغيره شهوده بشروط التكليف.
أو ﴿شَهِدَ﴾ بمعنى أدرك، فتحمل على مطلق الإدراك، والمجنون قد أدرك ذلك الزمان فلزمه الصوم لزومًا في الذّمة.
المسألة السادسة: إذا التبست الشهور على أسيرٍ أو تاجرٍ في بلاد العدو، أو غيره، فاجتهد فصام فوافق رمضان، فإنّه يجزئه عند الجمهور؛ لعموم الآية، فهذا قد شهده وصامه.
أمّا إن لم يوافق رمضان بل كان قبله فإنه لا يجزئه الصيام؛ لأنّه لم يشهد الشهر، فلم يلزمه أن يصومه. وأمّا إن كان بعده، فإنّه يجزئه قولًا واحدًا.
المسألة السابعة: عدم جواز النيابة في الصيام، فلا يجوز أن يصوم أحدٌ عن أحد لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ وقوله: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾
فأوجب على المكلف أن يصومه، أو يقضيه بنفسه، فانتفى بذلك أن يصوم غيرُه عنه.
المسألة الثامنة: من سافر بعد طلوع الفجر فليس له أن يفطر؛ لكونه شهد الشهر فعليه صومه، نسبه ابن الفرس للجمهور استدلالًا بالآية، ونُسب للإمام أحمد جواز الفطر (١).