للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أمر بإتمام الحج … » (١). ثم ساق آثارًا تدل على وجوب العمرة، ثم قال: «وأمّا الآية فلا حجة فيها للوجوب، لأنّ الله سبحانه إنما قرنها في وجوب الإتمام لا في الابتداء … » (٢).

خامسًا: استأنس الشافعي على وجوب العمرة بدليل الاقتران؛ لقول ابن عباس : (والذّي نفسي بيده إنّها لقرينتها في كتاب الله ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ (٣).

أمّا القائل بأنّ الآية لا تدل على الوجوب ابتداء، وإنّما تدل على وجوب الإتمام بعد الشروع فيهما فقط. فمأخذه نص الآية، فإنّ الأمر بالإتمام، فلا يتعدى لغيره كما سبق في قول القرطبي.

ويشهد أنها للإتمام لا للابتداء ورودها بعد حكم المحصر، الذي لم يتمّ الحجّ والعمرة، كما أنّهم أيدوا عدم وجوبها بأدلة أخرى مثل قوله (بني الإسلام على خمس) (٤) وذكر منها حج بيت الله لمن استطاع إليه سبيلًا، ولم يذكر العمرة.

تبقى الإشارة إلى مسائل مأخذ أحكامها يعود للخلاف في معنى الإتمام، فمن معانيها غير ما تقدم، الإتيان بها خالصة لله، ويقوي هذا المعنى قوله سبحانه ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ وبني عليه الخلاف في التجارة في الحج وسيأتي حكمهما عند قوله: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾.

ومن معاني الإتمام: الإتيان بها كاملة؛ ولذا اختلف الصحابة في كيفية ذلك،


(١) الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٦٨).
(٢) المصدر السابق (٢/ ٣٦٩).
(٣) انظر: تفسير الشافعي (١/ ٤٨٤)، التفسير الكبير للرازي (٥/ ٢٩٧)، الدر المنثور (١/ ٥٠٤).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الإيمان، برقم (٨)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (١٦).

<<  <   >  >>