للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ العثيمين: «إذا كان مفهوم النظام أنّ الإنسان يجب أن يعقد مع الحملة من بلده، حتى يرجع، وهذا يكلّفه ما لا يستطيعه، فإنّه لا يجب عليه الحجّ؛ لأنّه غير مستطيعٍ» (١).

مأخذ الحكم: ورود الأمر على جهة العموم، فالأمر بصيغة (على) الدّالة عليه في قوله: ﴿عَلَى النَّاسِ﴾، وعموم ﴿النَّاسِ﴾ يقتضي دخول جميع النّاس، إلّا أنّه مخصوص ببدل البعض في قوله: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾، ومن لا يستطع الحج عن طريق حملة فهو غير مستطيع.

قال تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾ [الحج: ٢٧ - ٢٨]

استدل بالآية الكريمة على عدد من الأحكام:

• الحكم الأول: وجوب الحج.

مأخذ الحكم: ورد الأمر من المولى بالأذان بالحج، والمعنى: أعلمهم أن عليهم الحج، وسواء قلنا إنّ المخاطب النبي ، والواو ﴿وَأَذِّنْ﴾ للاستئناف، أو أن المخاطب بذلك إبراهيم ، وشرعه شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه.

قال القرطبي: «لما فرغ إبراهيم من بناء البيت، وقيل له: ﴿أذن في الناس بالحج﴾ .. وقيل: إنّ الخطاب لإبراهيم تمّ عند قوله ﴿السُّجُودِ﴾ ثم خاطب الله ﷿ محمّدًا فقال: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾؛ أي: أعلمهم أن عليهم الحج. وقول ثالث: إنّ الخطاب من قوله: ﴿لَا تُشْرِكْ﴾ مخاطبة للنبي . وهذا قول أهل النظر؛ لأنّ القرآن أنزل على النبي ، فكل ما فيه من المخاطبة فهي له إلّا أن


(١) مجموع فتاوى ابن عثيمين (٢١/ ١١٨).

<<  <   >  >>