للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدل دليل قاطع على غير ذلك، وهاهنا دليل آخر يدل على أن المخاطبة للنبي وهو: ﴿أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي﴾ بالتاء، وهذا مخاطبة لمشاهد، وإبراهيم غائب» (١).

• الحكم الثاني: استدل بعض العلماء بالآية بسقوط فرض الحج بالبحر.

ومأخذ الحكم: عدم ذكره في الآية.

قال القرطبي: «قال مالك في الموازية: لا أسمع للبحر ذكرا، وهذا تأنس، لا أنه يلزم من سقوط ذكره سقوط الفرض فيه؛ وذلك أن مكة ليست في ضفة بحر فيأتيها الناس في السّفن، ولا بد لمن ركب البحر أن يصير في إتيان مكة إما راجلا وإما على ضامر، فإنما ذكرت حالتا الوصول» (٢)، يعني إلى مكّة.

• الحكم الثالث: جواز التجارة في الحجّ، من قوله: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾.

واللام للتعليل، وفسِّرت المنافع بالتجارة، وأكثر المفسرين على أنّها تشتمل منافع الدّين والدّنيا، وتدخل التّجارة تبعًا.

قال الجصاص: «فاقتضى ذلك أنهم دعوا وأمروا بالحج ليشهدوا منافع لهم، ومحال أن يكون المراد منافع الدنيا خاصة; لأنه لو كان كذلك كان الدعاء إلى الحج واقعًا لمنافع الدنيا، وإنما الحج الطواف والسعي والوقوف بعرفة والمزدلفة ونحر الهدي وسائر مناسك الحج، ويدخل فيها منافع الدّنيا على وجه التبع والرخصة فيها، دون أن تكون هي المقصودة بالحج، وقد قال الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] فجعل ذلك رخصة في التجارة في الحج» (٣).


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٢/ ٣٨).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٢/ ٤٠).
(٣) أحكام القرآن (٥/ ٦٦).

<<  <   >  >>