للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنه لا يجوز البيع بغيرها، ولا يفيدهم ما ورد في الروايات من نحو: بعتك، وبعت منك، فإنَّا لا ننكر أنَّ البيع يصح بذلك، وإنَّما النزاع في كونه لا يصح إلا بها، ولم يرد في ذلك شيء، وقد قال الله تعالى: ﴿تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ﴾، فدلَّ على أنَّ مجرد التراضي هو المناط، ولابد من الدلالة عليه بلفظ أو إشارة أو كناية، بأي لفظ وقع، وعلى أيِّ صفة كان، وبأيِّ إشارة مفيدة حصل» (١).

تتمة: من قال: لا ينعقد بيع المعاطاة، وإنما يحتاج في البيع إلى الصيغة؛ قالوا: «لما كان الرضا أمر يتعلق بالباطن، ولا يطلع عليه أحد في الظاهر إلا ببيان اللسان، اشترطنا النطق، واكتفينا به دليلاً على الرضا، صريحاً كان النطق أو كناية؛ لقيام الكناية بالدلالة على الرضا» (٢).

• الحكم الثالث: عدم اعتبار خيار المجلس (٣).

قال السيوطي: «لأنه اعتبر التراضي في تمام التجارة، دون التفرق» (٤).

مأخذ الحكم: شرط التراضي في جواز التجارة، وأطلقه - سبحانه - والمطلق يبقى على إطلاقه، وبيَّن ذلك ابن العربي بقوله: « .. إنما يدل مطلق الآية على التجارة على الرضا، وذلك ينقضي بالعقد وينقطع بالتواجب، وبقاء التخاير (٥) في المجلس لا تشهد له الآية لا نطقاً ولا تنبيهاً، وكل آية وردت في ذكر البيع والشراء


(١) الدراري المضية (٢/ ٣٥٠).
(٢) تيسير البيان (٢/ ٣٦٤)، وينظر: الإكليل (٢/ ٥٤٩).
(٣) ينظر: المغني (٦/ ١٥ - ١٦)، والمجموع (٩/ ٢١١ - ٢١٢)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١٦٠).
(٤) الإكليل (٢/ ٥٤٩).
(٥) التخاير: هو أن يقول المتبايعان: تخايرنا، أو اخترنا إمضاء العقد، أو أمضيناه، أو أجزناه، أو ألزمناه وما أشبهها، ففي حقيقته أنه قطع للخيار- أي: خيار المجلس-، ومنع من أن يرجع أحدهما عن العقد بعد حصول الإيجاب والقبول. ينظر: المجموع (٩/ ٢١٢).

<<  <   >  >>