للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آيات كثيرة كتوبيخه تعالى لمن لم يعقل وقائع الأمم الماضية كما في قوله تعالى ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الصافات: ١٣٧ - ١٣٨]، وقد صرح تعالى بأن الحكمة في قصِّ أخبارهم إنما هي الاعتبار بأحوالهم في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف: ١١١] وقال تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]» (١).

• الحكم الثاني: يصح ضمان المجهول، إذا كان مآله إلى العلم، وضمان ما لم يجب إذا كان مآله إلى الوجوب (٢).

مأخذ الحكم: المأخذ السابق من كون شرع مَنْ قبلنا شرعًا لنا، حيث دلَّت الآية على ضمان حمل بعير، وحمل البعير غير معلوم؛ لأنه يختلف باختلاف البعير، ولم يكن قد وجب حينئذ، لكنه يؤول إلى الوجوب.

وقيل: إن الحمل كان معلوماً عندهم، كما سيأتي في حكم الجعالة الآتي.

قال ابن تيميَّة: «ضمان السوق، وهو أن يضمن الضامن ما يجب على التاجر من الديون وما يقبضه من الأعيان المضمونة ضمان صحيح، وهو ضمان ما لم يجب، وضمان المجهول، وذلك جائز عند جمهور العلماء، كمالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل، وقد دلَّ عليه الكتاب، كقوله: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾، والشافعي يبطله» (٣).

• الحكم الثالث: مشروعية الجعالة (٤).


(١) المذكرة في أصول الفقه (١٩٣).
(٢) ينظر: المغني (٧/ ٧٢ - ٧٣)، شرح الزركشي (٤/ ١١٧)
(٣) مجموع الفتاوى (٢٩/ ٥٤٩).
(٤) ينظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ٢٢٢)، والمغني (٨/ ٣٢٣)، والحاوي (٨/ ٢٩).

<<  <   >  >>