للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مأخذ الحكم: كونه شرعاً لمن قبلنا، ولم يرد في شرعنا ما ينسخه، بل ورد في شرعنا ما يقرر هذا الحكم.

ذكر الموزعي ورده في شريعتنا، وذكر حديث أبي قتادة قال: أُقبِل بجنازة على عهد رسول الله ، فقال: (هل على صاحبكم من دين؟)، فقالوا: عليه ديناران، فقال : (صلوا على صاحبكم)، فقال أبو قتادة: هما عليَّ يارسول الله، فصلى عليه رسول الله (١).

قال الموزعي: «هذا في الميت، وقسنا عليه الحي» (٢).

نوقش: بأن يوسف لم يكن يومئذ ذا شرع.

قال الطاهر بن عاشور: «وهذه الآية قد جعلها الفقهاء أصلا لمشروعية الجعل والكفالة. وفيه نظر، لأن يوسف لم يكن يومئذ ذا شرع حتى يستأنس للأخذ ب (أن شرع من قبلنا شرع لنا): إذا حكاه كلام الله أو رسوله.

ولو قدر أن يوسف كان يومئذ نبيئا فلا يثبت أنه رسول بشرع، إذ لم يثبت أنه بعث إلى قوم فرعون، ولم يكن ليوسف أتباع في مصر قبل ورود أبيه وإخوته وأهليهم. فهذا مأخذ ضعيف» (٣).

والجواب: كونها من القصص التي قصها المولى سبحانه، ولم يتعقبها.

قال الشنقيطي عند ذكره لحجة الجمهور في حجية شرع من قبلنا: «ما ذكر لنا في شرعنا إلا لنعمل به، سواء علينا أكان شرعاً لمن قبلنا أم لا، وقد دلت على ذلك


(١) أخرجه البخاري في كتاب الكفالة، باب الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها، برقم (٢٢٩٠)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب من ترك مالاً فلورثته، برقم (١٦١٩).
(٢) تيسير البيان (٣/ ٣٨٨).
(٣) ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور (١٣/ ٢٩).

<<  <   >  >>