للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعليه فمفهوم قوله: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾: جواز المواعدة جهرًا.

وهذا المفهوم غير مراد لأمرين:

الأول: لمعارضته المفهوم السابق من حل التعريض ورفع الجناح عنه، فمفهومه كما سبق أن التصريح غير جائز.

الثاني: أن المواعدة على النكاح سرًا إنما خرجت مخرج الغالب.

ثانياً: قوله ﴿سِرًّا﴾ نكرة أتت في سياق النهي فتعم جميع أقوال التصريح بالخطبة.

تنبيه: قوله ﴿إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ الاستثناء متصل وذلك بناء على أن السر في الآية معناه المواعدة على النكاح، فيكون من جنس الكلام والقول المعروف وهو التعريض الذي أحله الله تعالى.

ثالثاً: دلَّ مفهوم قوله ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ أنه إذا بلغ الكتاب أجله - وهو انتهاء العدة وهي قوله ﴿أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ - فإنَّ المعتدة تحل للخُطَّاب، تصريحاً وتعريضاً.

فائدة: ذكر العلماء من علل تحريم التصريح بالخطبة: أنّ الخاطب إذا صرح بالخطبة تحققت رغبته فيها، فربما تكذب في انقضاء العدة، فيكون التحريم سدًا للذريعة، أو يكون التحريم مستفادًا من مفهوم إباحة التعريض، فلا يباح غير ذلك (١).

• الحكم الرابع: تحريم العقد في العدة، سواء كانت حرّة أو أمة (٢).

مأخذ الحكم: النهي في قوله: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا﴾، وهو يقتضي التحريم. وضمير الجمع للعموم، فيعم كل طالب للنكاح في حال عدة المرأة، والآية في سياق عدة المتوفى عنها زوجها.

وقول: ﴿عُقْدَةَ النِّكَاحِ﴾ اسم جنس مضاف، فيعم أي عقد، سواءً كان على حرة أو أمة.

ودلت الآية بمفهوم الموافقة الأولوي على حرمة عقد النكاح حال العدة، لأنه سبحانه لما نهي عن العزم دلنا على تحريم النكاح.


(١) ينظر: الإكليل (١/ ٤٣٠)، وتيسير البيان (٢/ ١٠٠).
(٢) ينظر: الإكليل (١/ ٤٣٠).

<<  <   >  >>