للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مأخذ الحكم:

أولاً: دلَّ مفهوم الشرط في قوله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ على جواز تجويز اليتيمة عند حصول القسط، بمعنى إن لم يخف ألا يقسط، بأن يوفيها حقها، فله التزوج باليتيمة.

والخطاب في قوله ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ﴾ للأولياء بحسب سبب نزول الآية، وهو عام بحسب ضمير الجمع في قوله ﴿تُقْسِطُوا﴾ فيعم الأولياء وغيرهم؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص سببه.

و ﴿الْيَتَامَى﴾ جمع معرف بال غير عهدية فيعم كل يتيمة.

ثانياً: دلَّ مفهوم الموافقة على الحكم السابق؛ إذ لو كان لغير الولي أن ينكح اليتيمة إذا أقسط إليها، فكذلك الوالي إذ ليس لنهيه عما هو إلى غيره معنى.

تنبيه: في الآية مفهوم شرط آخر، وهو أنه إن لم يخف ألا يقسط في اليتامى - بأن يعدل بينهن - فليس له أن ينكح غيرهن مما طاب له من النساء. وهذا المفهوم غير معتبر بالإجماع.

يقول ابن العربي: «فإن كل من علم أنه يقسط لليتيمة جاز له أن يتزوج سواها، كما يجوز ذلك له إذا خاف ألا يقسط» (١).

ويقول القرطبي مبينًا سبب عدم اعتبار هذا المفهوم: «فدل على أن الآية نزلت جوابًا لمن خاف ذلك، وأن حكمها أعم» (٢)، وما كان جوابًا لسبب لا مفهوم له.

وبيَّن الموزعي سبب عدم اعتبار المفهوم بقوله: «لو كان كذلك لما جاز لنا أن


(١) أحكام القرآن (١/ ٤٠٥).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٥/ ١٣).

<<  <   >  >>