للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول أبو حيان: «ومفهوم الشرط غير مراد، وإنما خص بالذكر لأنها حالة قد يتوهم فيها أنه لمكان الاستبدال، وقيام غيرها مقامها، له أن يأخذ مهرها، ويعطيه الثانية، وهو أولى به من المفارقة، فبيَّن الله أنه لا يأخذ منها شيئا إذا كانت هذه التي استبدل مكانها لم يبح له أخذ شيء مما أتاها مع سقوط حقه في بضعها، فأحرى أن لا يباح له ذلك مع بقاء حقه واستباحة بضعها» (١).

قلت: ويستثنى من ذلك حال الخلع، باعتبار كونه طلاقاً.

ويستدل بتخصيص حكم المفوضة هنا -وهي التي تزوجها شخص بدون مهر- بوجوب المتعة، وبتخصيص المطلقة المفروض لها قبل المسيس بنصف الفرض، استدللنا بمخالفة تخصيص أحكامهن على اختلاف أحكامهن، وعليه فلا مهر للمفوضة، فيسقط مهرها إن كان قبل المسيس، ولعلة يدخل في مفهوم التقسيم.

• الحكم الثاني: وجوب المهر بالفرض أو المسيس.

مأخذ الحكم: يستدل بمفهوم الشرط في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، لأنه لو كان واجباً بالعقد-كما يقول الشافعي في أحد قوليه- لما سقط بالطلاق، أي: لو وجب المهر بالعقد لما سقط كله بالطلاق، بل يتنصّف، ولقوله: ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ ولم يقل فنصف المهر.

• الحكم الثالث: جواز النكاح بلا تسمية مهر وبدون اشتراط نفيه، وإسقاطه (٢).

فإن اشتُرط ذلك كان النكاح باطلًا، وهذا المسمى بنكاح التفويض.


(١) البحر المحيط (٣/ ٥٧٣).
(٢) ينظر: الإكليل (١/ ٤٣١)، وأحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٣٦١/ ٣٦٢)، وتيسير البيان (٢/ ١٠٤).

<<  <   >  >>