للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مأخذ الحكم: سكوت الشارع عن ذلك في مقام البيان.

قال الموزعي: «وأطلق الله سبحانه الصلح، ولم تُذكر تباعة في دم ولا مال.

قال الشافعي: فأشبه هذا -والله أعلم- أن تكون التباعات في الجراح والدماء، وما كان من الأموال ساقطاً بينهم» (١).

ومن قال بالضمان أخذ ذلك من قوله: ﴿بِالْعَدْلِ﴾، والعدل أخذ الحق لبعض الناس من بعض، وكونه إتلافاً بعدوان فيلزم الضمان (٢).

قال القرطبي: «والمعول في ذلك عندنا أن الصحابة في حروبهم لم يتبعوا مدبراً ولا ذَفَّفُوا على جريح، ولا قتلوا أسيراً، ولا ضمنوا نفساً ولا مالاً، وهم القدوة» (٣).

بل وقال قبل: «ومن العدل في صلحهم ألا يطالبوا بما جرى بينهم من دم ولا مال، فإنَّه تلف على تأويل، وفي طلبهم تنفير لهم عن الصلح واستشراء في البغي، وهذا أصل في المصلحة» (٤).

خاتمة للباب: قال ابن الفرس: «والذي يأتي على فرض القول، فيقال: الفئة الباغية أن يكون الإنسان في الفتنة مع من يرى أن الحق معه، وعليه يدل ظاهر قوله تعالى: ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى﴾؛ إذ لم يخص كثيراً من قليل، ولا العلماء من غيرهم، فإنما اعتبر في ذلك البغي، فحيث اعتقده الإنسان زال عنه، وحيث لم يره كان فيه» (٥).


(١) تيسير البيان (٤/ ١٦٨).
(٢) ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٦/ ٢٧٢).
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٦/ ٢٧١)، وبنظر: تيسير البيان (٤/ ١٦٨).
(٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٦/ ٢٧١).
(٥) أحكام القرآن (٣/ ٤٩٣).

<<  <   >  >>