للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجيب بأنه: إن أريد منه اللمس باليد، فإنّه يكون قليل الفائدة؛ إذ المجيء من الغائط واللمس حينئذ من واد واحد، ولا تكون الآية حينئذ شاملة لحكم وجوب التّيمم للجنب إذا لم يجد الماء.

وحمل اللمس على الجماع قواه ابن تيمية معتمدًا على قاعدة: «إنّ الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لا بد أن يبينها الرسول بيانًا عامًّا ولا بد أن تنقلها الأمة فإذا انتفى هذا عُلم أن هذا ليس من دينه … وكذلك الناس لا يزال أحدهم يلمس امرأته بشهوة وبغير شهوة، ولم ينقل عنه مسلمٌ أنه أمر الناس بالتوضؤ من ذلك، والقرآن لا يدل على ذلك؛ بل المراد بالملامسة الجماع كما بسط في موضعه» (١).

واستدل أصحاب هذا القول بفعل النبي أنّه قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصّلاة ولم يتوضأ (٢).

تنبيه ثان: دلَّت الآية على أن الجنب يجب أن يغتسل، والعلماء يقولون: إن ما أوجب الغسل فإنه يوجب الوضوء، بمعنى يكون ناقضاً من نواقض الطهارة.

ومأخذ الحكم من الآية هو: أولاً: الأمر بقوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾.

ثانياً: اقتران الحكم وهو الطهارة، بالوصف وهو الجنابة، دلالة على كون الجنابة علّةً وسببًا للطهارة بدلالة الإيماء والتنبيه.

وإذا قلنا بأن ما أوجب الجنابة فإنه يوجب الوضوء فيدخل في النواقض ما توجبه الجنابة، كالجماع، ونزول المني، والحيض، والردة.


(١) مجموع الفتاوى (٢٥/ ٢٣٦ - ٢٣٨).
(٢) أخرجه أبو داوود في كتاب الطهارة، باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة، برقم (٨٦)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة (١/ ١٠٤)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٤/ ٢٧٣).

<<  <   >  >>