للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مأخذ الحكم: لما كان بين ظاهر الآيتين تعارض، ذهب بعض العلماء إلى كون آية محمد ناسخة لآية الأنفال، وحكي هذا عن ابن عباس ، وذهب بعضهم إلى أنها منسوخة بآية السيف، ذكر ذلك الموزعي ثم قال: «والصواب عدم النسخ؛ لفقدان التعارض، وإمكان الجمع بين الآيات كلها، فليس بينها اختلاف» (١)، ثم ذكر الجمع المذكور في حكم الآية.

وقال ابن الفرس: «وأما قول ابن عباس: فضعيف؛ لأن الآيتين ليس بينهما تعارض، وعلى الاختلاف في هذه الآية، اختلفوا في جواز مهادنة الكفار … » (٢).

• الحكم الثاني: إباحة الهدنة لغير ضرورة.

قال السيوطي: «فاستدل بها من أباح الهدنة لغير ضرورة» (٣).

مأخذ الحكم: جواب الشرط في قوله: ﴿فَاجْنَحْ لَهَا﴾ وهو أمر دال على المشروعية، وفيه أطلق المولى لهم الجنوح والميل إلى السلم، ولم يقيد بحالة دون حالة.

تنبيه: قيّد كثير من العلماء الجنوح إلى السلم في حال ضعف المسلمين، وذكر ابن الفرس محل الخلاف، فقال: «وهذا الخلاف عندي إنما هو ما لم يخف على المسلمين أن يصطلحوا، فأما إذا خيف ذلك فجائز مصالحتهم على مال أو على غير مال، فأما على أن يؤخذ من الكفار فلا خلاف في جوزاه -وسيأتي الكلام عليه-، وإنما الخلاف إذا كان على أن لا يأخذ منهم شيئاً، أو على أن يعطيهم شيئاً، وهذا كله مع الذين يجوزون أخذ الجزية منهم» (٤).


(١) تيسير البيان (٣/ ٢٩٥).
(٢) أحكام القرآن (٣/ ١٠٥)، وتفسير ابن كثير (٤/ ١١٧).
(٣) الإكليل (٢/ ٧٩٣).
(٤) أحكام القرآن (٣/ ١٠٦).

<<  <   >  >>