للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عبد البر: «وأجمع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى، وعلى أصحابهم، بأنّ المصحف لا يمسه إلا الطاهر» (١).

وقرّق العلماء بين الحدث الأكبر والحدث الأصغر، والمراد بالمسِّ، والمقصود بالطهرين، إلّا أن الجمهور قالوا: بحرمة مسِّه للمحث مستدلين أيضًا بقوله: (لا يمس القرآن إلّا طاهر) (٢).

ومأخذ الحكم من الآية: أن الآية خبر منفي، بمعنى النّهي عن قراءة القرآن ومسَّه، والنّهي يقتضي التّحريم.

تنبيه: فرّق العلماء بين الحائض وغيرها من أصحاب الجنابات، فأجازوا للحائض؛ إذ إن حيضتها ليست في يدها، فلا تستطيع رفعها، كما يفعل بقية الجنب إذا أرادوا مس المصحف.

ومأخذهم في ذلك العمل بالمصلحة، ولا سيما إذا كانت الحيضة تأخذ وقتًا والمرأة تريد مراجعة حفظها.

• الحكم الثاني: استدل بها من قال بعدم جواز مسح السّبورة الثّابتة بلا وضوء، إذا كتب فيها أية فأكثر؛ لأنها تلحق باللوح (٣)

مأخذ الحكم: يخرج الحكم على قاعدة النّهي يقتضي التّحريم، والفعل في قوله: ﴿لَا يَمَسُّهُ﴾ ينزل منزلة النكرة، فيكون عامّاً في أيّ مسٍّ سواء كان على


(١) الاستذكار (٢/ ٤٧٢).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١/ ٣٠٩)، ومالك في الموطأ (١/ ١٩٩)، وعبد الرزاق في مصنفه (١٣٢٨)، والدارمي في سننه (٢٢٦٦)، وأبو داود في المراسيل (٩٣)، والدارقطني في سننه (١/ ١٢٢)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (١/ ١٥٨) برقم (١٢٢)، وصحيح الجامع (٧٧٨٠).
(٣) وكان هذا اختياراً للشيخ العثيمين كما في الشرح الممتع (١/ ٣٢٢، ٣٣٣). وتوقّف في مجموع فتاوى ابن عثيمين (١١/ ٢١٤)، وقال: هي عندي محلّ توقّفٍ

<<  <   >  >>