للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٤٧].

دلت الآيات على تغليظ الحكم بخلاف المنصوص (١).

قال الرازي: «قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ إنما يتناول من أنكر بقلبه، وجحد بلسانه، أما من عرف بقلبه كونه حكم الله، وأقرَّ بلسانه كونه حكم الله، إلَّا أنه أتى بما يضاده فهو حاكم بما أنزل الله تعالى، ولكنه تارك له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية»، ونسبَ هذا القول لعكرمة واختاره» (٢).

وقال القرطبي: «وقيل: فيه إضمار، أي: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ رداً للقرآن، وجحداً لقول الرسول فهو كافر، قاله ابن عباس ومجاهد، فالآية عامَّة على هذا.

وقال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار، أي: معتقداً ذلك ومستحلاً له.

فأما من فعل ذلك وهو معتقد أنه راكب محرماً، فهو من فساق المسلمين، وأمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له … » (٣).

مأخذ الحكم: جواب الشرط بقوله: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، وقوله: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، وقوله: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وهي وصف للفاعل بما فيه تغليظ بسبب عدم الإتيان بالمشروط، وهو الحكم بما أنزل الله.


(١) ينظر: الإكليل (٢/ ٤٢٥).
(٢) التفسير الكبير للرازي (٤/ ٣٦٨).
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٦/ ١٨٠).

<<  <   >  >>