للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة: ٤٨].

وقال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة: ٤٩].

دلت الآيتان على الأحكام الآتية:

• الحكم الأول: مشروعية القضاء.

قال ابن قدامة: «الأصل في القضاء ومشروعيته الكتاب والسنة والإجماع» (١)، وذكر منها آية المائدة الثانية، كذا القرطبي جعلها أصلاً في الأقضية (٢).

مأخذ الحكم: الأمر الوارد فيها بصيغة: «افعل» ﴿فَاحْكُمْ﴾، ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ﴾، وهو على الوجوب، وكونه للوجوب مما لا خلاف فيه، وفيه دلالة أخرى من الآية، وهو تعقيب المولى سبحانه الحكم بالنهي عن اتباع أهوائهم بقوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾.

قال القرطبي: «يعني: لا تعمل بأهوائهم ومرادهم على ما جاءك من الحق، يعني: لا تترك الحكم بما بيَّن الله تعالى من القرآن، من بيان الحق وبيان الأحكام» (٣).

• الحكم الثاني: وجوب الحكم بين الكفار بحكم الإسلام، إذا تحاكموا إلينا (٤).

وهذه الآية ناسخة للتخيير الوارد في قوله: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [المائدة: ٤٢]، وسبق الحديث عن نسخها في الآية المنسوخة، والخلاف في كون النسخ ثابتاً.


(١) المغني (١٤/ ٥).
(٢) ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٥/ ١٦٧).
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٦/ ١٩٩).
(٤) ينظر: أحكام القرآن (٢/ ٤٤٢)، والإكليل (٢/ ٤٦٣).

<<  <   >  >>